ولا مراء أن المازري عُرِفَ طيلة حياته بصراحة القول، والإصداع بالحق في كل المواطن، كما اشتهر بمجانبة حُكَّامِ الجَوْرِ، التعرض للولاة المستبدين في زمان كان السلطان فيه لحكم الإطلاق في سائر الممالك الإسلامية، وكان ذلك من أكبر الأسباب في تراجع سياسة المسلمين إلى الوراء حتى ساقها إلى التدهور والسقوط في الشرق والغرب.
وفي نظرنا أن الذي حمل المازري على مجاهرة الظالمين، وتجرده لأنصار الحق، وعدم مبالاته بالسلطة المطلقة هو ما جُبِلَتْ عَلَيْهِ طَبِيعَتُهُ من التقوى وتمسكه بالمبادئ الإسلامية العالية ومن ناحية أخرى إعراضه عن الوظائف الرسمية كولاية القضاء وغيرها، مما حمل جمهور الشعب على إجلاله والالتفاف حوله