لِلْمُسْلِمِينَ!». فلم يجبه الشيخ بشيء، ثم لما عوفي أفرغ جده في دراسة الطب حتى أتقنه وملك زمامه وألف فيه، حتى قيل إِنَّهُ كَانَ يُفْزَعُ إِلَيْهِ فِي الطِّبِّ، كَمَا يُفْزَعُ إِلَيْهِ فِي الفَتْوَى فِي الدِّينِ.
وإنا لنستبعد - كل استبعاد - حصول مثل هذه الحكاية، إذ يصعب علينا اعتقاد أن طبيبًا - مهما كان دينة وجنسه ودرجة علمه - يتفوه بمثل هذا الحديث الخارج عن أدب الصناعة وأدب المعاشرة، ومع ذلك فإنا لا ننكر أن الإمام - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - درس الطب وألف فيه، لا سيما وقد نقل مترجموه أنه كان «دَرَسَ فُنُونًا كَثِيرَةً مِنْ أَدَبٍ وَحِسَابٍ وَطِبٍّ وَغَيْرَ ذَلِكَ» [1].
فلا يستغرب حينئذٍ من تدوينه في الطب وإن لم يصل إلينا تأليفه المشار إليه. يؤيد هذا الرأي ما نسوقه إليك بعد من كلا المازري في مسألة طبية أوردها عَرَضًا ضمن كتابه " المعلم " بمناسبة حديث التداوي بالعسل من " صحيح مسلم "، وقد أنكر بعض جهلة الأطباء المعاصرين ذلك قائلاً: «قَدْ أَجْمَعَ الأَطِبَّاءُ عَلَى أَنَّ العَسَلَ مُسَهِّلٌ، فَكَيْفَ يُوصَفُ لِمَنْ بِهِ إِسْهَالٌ؟».
(1) " الديباج " لابن فرحون، و" أزهار الرياض " وغيرهما.