اسم الکتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون المؤلف : محمد عزير شمس الجزء : 1 صفحة : 540
أصحابه وأضداده، وكان أبيض أسود الرأس واللحية قليل الشيب، شعره إِلى شحمة أذنية وكأن عينيه لسانان ناطقان، رَبْعةً من الرِّجال، بعيد ما بين المنكبين، جهوري الصوت فصيحًا سريع القراءة تعتريه حِدّة لكن يقهرها بالحلم.
قال: ولم أَر مثله في ابتهاله واستغاثته وكثرة توجُّهه، وأَنا لا أَعتقد فيه عصمة، بل أَنا مُخالف له في مسائل أَصلية وفرعية، فإن كَانَ مع سعة علمه، وفرط شجاعته، وسيلان ذهنه، وتعظيمه لحرمات الدِّين، بشرًا من البشر تعتريه حدة في البحث، وغضب وشظف للخصم؛ تزرع له عداوة في النفوس وإِلاّ لو لاطَفَ خصومه لكان كلمة إِجماعٍ؛ فإِنَّ كبارهم خاضعون لعلومه معترفون بشفوفه مقرّون بندور خطئه وأّنّه بحر لا ساحل له، وكنز لا نظير له، ولكن ينقمون عليه أَخلاقًا وأَفعالاً وكل أَحد يؤخذ من قوله ويترك.
قال: وكان محافظًا على الصلاة والصوم، معظِّمًا للشرائع ظاهرًا وباطنًا لا يؤتى من سوءِ فهم فإِنّ له الذكاء المفرط، ولا من قلة علم فإِنَّه بحر زخار، ولا كَانَ متلاعبًا بالدين ولا ينفرد بمسائله بالتشهِّي ولا يطلق لسانه بما اتفق، بل يحتج بالقرآن والحديث والقياس ويبرهن ويناظر أُسوةَ من تقدمه من الأئمة، فله أجر على خطئه، وأَجران على إصابته.
إلى أن قال: تمرَّض أيامًا بالقلعة بمرض جد إِلى أّنْ مات ليلة الاثنين العشرين من ذي القعدة وصلي عليه بجامع دمشق وصار يضرب بكثرة من حضر جنازته المثل، وأقل ما قيل في عددهم أَنَّهم خمسون ألفًا.
قال الشهاب ابن فضل الله: لما قدم ابن تَيْمِيَّة على البريد إِلى القاهرة في سنة سبع مئة نزل عند عمي شرف الدين، وحض أهل المملكة على
اسم الکتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون المؤلف : محمد عزير شمس الجزء : 1 صفحة : 540