اسم الکتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون المؤلف : محمد عزير شمس الجزء : 1 صفحة : 501
فقال: وأنا لا أصحبُكم!
فانطلقوا عُصبةً وتأخَر ابن تَيْمِيَّة في خاصّة من معه. فلم يبق أحدٌ من الحرّاس والأمراء حتَّى أتَوه من كلّ جهةٍ وتلاحَقوا به ليتبرَّكُوا برؤيته. فما وصل دمشق إِلاَّ في نحو ثلاثمائة فارس في ركابه، ودخلوا. وأمّا القضاة فخرج عليهم جماعة فجرّدُوهم من ثيابهم، ودخلوا المدينة عُراةً.
فلمّا عاد غازان إِلى بلاده، ركب ابن تَيْمِيَّة البريد إِلى مهنّأ بن عيسى واستْحضره إِلى الجهاد. وركب بعده إِلى القاهرة واستنّفَر السلطان. وواجه بالكلام الغليظ أمراءه وعسكره. ولمّا جاء السلطان إِلى شَقْحب لاقاه وجعل يشجّعه ويثبّته. فلمّا رأى السلطان كثرة التَّتار قال: يا لخالدِ بن الوليد!
فقال له: لا تقُل هذا. بل قل: يالله! واستغث بالله ربّك ووحِّدْه وحدَه تُنصَرْ، وقل: يا مالكَ يوم الدين، إيّاك نعبد وإيّاك نستعين! - وما زال يطلّ على الخليفة المستكفي بالله، وتارة على الملك الناصر محمَّد بن قلاوون ويُهَدِّئْهما ويربط جأشَهما، حتَّى جاء نصر الله والفتح. وقال للسلطان: أنت منصور فاثبت!
فقال له بعض الأمراء: قل: إِن شاء الله!
فقال: إِنْ شاء الله، تحقيقًا، لا تعليقًا! - فكان كما قال.
ولمّا أعيدت الخطبة بجامع دمشق - بعد رحيل غازان - للملك الناصر محمَّد بن قلاوون في يوم الجمعة سابع عشري شهر رجب من السنة المذكورة، دار [ابن تَيْمِيَّة] بنفسه على ما جُدّد من الخمّارات، وأراق خمورها وكسر أوابيَها وشقّ ظروفها، وعزّر الخمّارين هو
اسم الکتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون المؤلف : محمد عزير شمس الجزء : 1 صفحة : 501