اسم الکتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون المؤلف : محمد عزير شمس الجزء : 1 صفحة : 316
أعظم في صدرِ غازانَ والمُغَل من كلّ من طلعَ معه إليهم، وهم سلف العلماء في ذلك الصَّدْر، وأهلُ الاستحقاقِ لرِفعةِ القَدْر.
هذا مع ماله من جهادٍ في الله لم يُفزِعْه فيه طلل الوشيج، ولم يُجزِعْه فيه ارتفاع النشيج، مواقفُ حروبٍ باشرَها، وطوائفُ ضُروبٍ عاشَرها، وبَوارِقُ صِفاحٍ كاشَرَها، ومضايقُ رِماح حاشَرَها، وأصناف خُصومٍ لُدٍّ اقتحمَ معها الغمراتِ، وواكلَها مختلفَ الثَّمرات، وقَطَع جِدالَهَا قوِيُّ لسانِه، وجِلادَها شَبَا سِنانِه، قامَ بها وصابَرها، وبُلِيَ بأَصاغِرها وقاسَى أكابرَها، وأهلِ بِدَعٍ قامَ في دِفاعِها، وجَهدَ في حَطِّ يَفَاعِها، مخالفةِ مِلَلٍ بَيَّنَ لها خطأَ التأويلِ، وسَقَمَ التَّعليلِ، وأسكَتَ طَنِينَ الذُّباب في خياشيم رؤوسهم بالأضاليل، حتَّى ناموا في نراقدِ الخضُوع، وقاموا وأرجلُهم تَتساقَطُ للوقوع، بأدِلَّةٍ أقطعَ من السيوف، وأجمعَ من السُّجُوف، وأجلَى من فَلَقِ الصَّباح، وأجلبَ من فِلَقِ الرّماحِ.
إذا وَثَبَتْ في وجهِ خَطْبٍ تمزَّقَتْ ... على كتفيهِ الدِّرْعُ وانْتَثَر السَّرْدُ
إِلاَّ أَنَّ سابقَ المقدور أوقَعَه في خَلَلِ المَسَائِل، وخَطَل خَطَأٍ لا يأمَنُ فيه مع الإكثارِ قائِلٌ، وأظنُّه - واللهُ يَغفِرُ له - عُجِّلَتْ له في الدنيا المقاصَّة، وأخذ نَصِيبَه من بلواها عامَّةً وله خاصَّة، وذلك لحطِّه على بعض سلفِ العلماء، وحَلَّه لقواعدَ كثيرةٍ من نواميسِ القدماء، وقِلَّةِ توقيرِه للكُبَراء، وكثرةِ تكفيرِه للفُقراء، وتزييفه لغالبِ الآراء، وتقريبه لجهَلَةِ العوامِّ وأهلِ المِراء، وما أفتىَ به آخرًا في مسألتَي الزيارةِ والطلاق، وإذاعتِه لهما حتَّى تكلّم فيهما من لا دينَ له ولا خلاق، فسلّط ذُبالَ الأعداءِ على سَلِيطه، وأطلقَ أيديَ الاعتداءِ في تفريطِه،
اسم الکتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون المؤلف : محمد عزير شمس الجزء : 1 صفحة : 316