اسم الکتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون المؤلف : محمد عزير شمس الجزء : 1 صفحة : 157
وقد عُلِم أن لكتبه من الخصوصية والنفع والصحة، والبسط والتحقيق، والإتقان والكمال، وتسهيل العبارات، وجمع أشتات المتفرقات، والنطق في مضايق الأبواب، بحقائق فصل الخطاب، ما ليس لأكثر المصنفين، في أبواب مسائل أصول الدين، وغيرها من مسائل المحققين، لأنه كان يجعل النقل الصحيح أصله وعمدته في جميع ما يبني عليه، ثم يعتضد بالعقليات الصحيحة التي توافق ذلك بغيها، ويجتهد على دفع كل ما يعارض ذلك من شبه المعقولات، ويلتزم حَلَّ كلِّ شبهة كلامية وفلسفية كما تقدمت الإشارة إلى ذلك، ويلتزم أيضًا الجمع بين صحيح المنقول وصريح المعقول، ويجزم بأن فرض دليلين قطعيين متعارضين من المحال إن كانا عقليين أو عقليًا ونقليًا، قال: لأن الدليل هو الذي يجب ثبوت مدلوله، فإمَّا أن لا يكونا قطعيين، وإمَّا أن لا يكون مدلولهما متناقضين. وعلى هذا المقصد الجليل بنى كلامه المتين، وتقاسيمه العجيبة في أول قاعدته الكبيرة الباهرة التي ألفها في دفع «تعارض العقل للنقل». فكانت مقاصده وتحقيقاته في هذا الباب العظيم عجبًا من عجائب الوجود.
وكان يقول: لا يتصور أن يتعارض حديثان صحيحان قط إلا أن يكون الثاني منهما ناسخًا للأول: قال: والإمام أحمد بن حنبل كان في زمنه يصرح به، ويلتزم تحقيقه، وأنا في زمني ألتزم حكم هذه القاعدة أيضًا، والنهوض بالجواب عن كل ما يعارضها.
وكان رحمه الله ورضي عنه، يذب عن الشريعة ويحمي حوزة الدين بكل ما يقدر عليه، وكان كما علم من حاله لا يخاف في هذا الباب لومة لائم، ولا ينثني عما يتحقق عنده، ولم يزل على ذلك إلى أن قضى نحبه، ولقي ربه، فقدس الله روحه، ونور ضريحه، ونصر مقاصده، وأيد قواعده، والله سبحانه يعلم حسن قصده، وصحة علومه
اسم الکتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون المؤلف : محمد عزير شمس الجزء : 1 صفحة : 157