responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر المؤلف : السخاوي، شمس الدين    الجزء : 0  صفحة : 32
وعرض عليه الأتابَكُ شفاهًا قضاءَ مصرَ فاعتذر له، فسأله في تعيين من يرضاه فقال له: لا أنسب من السُّيوطي قاضيك، إلى غير هذا مما يرجو به الخيرَ مع أنَّ مالَهُ من الجهات لا يسمنُ ولا يُغني من جوعٍ، وللَّه درُّ القائل:
تقدَّمَتني أُناسٌ كَانَ شَوْطُهُم ... ورَاءَ خَطْويَ لو أَمْشي على مَهَلِ
هذا جزاءُ امريءٍ أقرانُهُ دَرَجُوا ... من قَبله فتمنَّى فُسحَةَ الأجَلِ
فإنْ عَلانيَ مَنْ دوني فلا عَجَبٌ ... لي أُسْوةٌ بانحطاط الشمسِ عن زُحَلِ
فاصبرْ لها غَيْرَ مُحْتَالٍ وَلَا ضَجِرٍ ... في حادثِ الدَّهرِ ما يُغْني عن الحِيلِ
أعدى عدُوِّكَ مَنْ وثِقْتَ بِه ... فَعَاشِرِ النَّاسِ واصْحَبهُم على دَخَلِ
فإنَّما رَجُلُ الدُّنْيا وَوَاحِدُهَا ... مَنْ لَا يُعَوِّلُ في الدُّنْيا على رَجُلِ
وقال أحمد بن يحيى ثَعْلَبُ النَّحويُّ فيما رويناه عنه يقول: دخلتُ على أحمد بن حنبل فسمعتُه يقولُ:
إذا ما خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَومًا فَلَا تَقُل ... خَلَوْتُ، وَلَكِنْ قُل: عَلَيَّ رَقيبُ
إذا مَا مَضَى القَرْنُ الذي أَنْتَ فِيهِمُ ... وخُلِّفْتَ في قَرْنٍ فأنْتَ غريبُ
فلا تكُ مَغرورًا تعلّل بالمُنى ... فَعَلَّكَ مَدْعُوٌ غدًا فَتُجِيبُ
ألمْ تَرَ أَنَّ الدَّهْرَ أسْرَعُ ذاهِبٍ ... وأَنَّ غدًا للنَّاظِريْنَ قَرِيْبُ
هذا كله وهو عارفٌ بنفسه، معترف بالتقصير في يومه وأمسه، خبير بعيوبه التي لا يُطَّلعُ عليها، مستغفرٌ مما لعله يبدو منها، لكنَّه أكثر الهَذَيان طمعًا في صفح الإخوان، مع كونه في أكثره ناقلًا، واعتقاد أنه فضل ممن كان له قائلًا.
والله يسأَلُ أن يجعله كما يظنُّون، وأن يغفرَ له ما لا يعلمون، وللَّه در القائل:
لئِنْ كان هذا الدَّمْعُ يجري صَبَابَةً ... عَلَى غَيرِ لَيْلَى فهو دَمْعٌ مُضَيَّعُ
وقول غيره:

اسم الکتاب : الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر المؤلف : السخاوي، شمس الدين    الجزء : 0  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست