اسم الکتاب : المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري المؤلف : الأنصاري، عبد الأول بن حماد الجزء : 1 صفحة : 139
أثر البادية:
وفي استطلاعنا الشيخ عن أثر البيئة في نشأته لم يزد على الإشارة إلى طوابعها العلمية، وطبيعي أن المتأمل في هذا العرض السريع لصور تلك البيئة لا يفوته إدراك العوامل التي تعاونت على تكوين شخصيته، وحددت لهذه الشخصية معالم السلوك وطرائق التفكير، واِلإتجاه الملتزم الذي صار إليه؛ ولعل في مقدمة هذه العوامل واحداً لم يشر إليه في ما كتب إلينا وهو طبيعة البادية التي أحاطت نشأته؛ فقد علمنا من أحاديث فضيلته الخاصة عن تلك البيئة ما لا يصح إغفاله عند ترجمته.
إن البادية هي أول ما فتح عينيه عليه من بقاع مالي، وبالتالي من مشاهد الدنيا، والبادية بما تنطوي عليه من قوة واتساع واستثارة للجهد الشخصي، وبُعد عن فتن الحواضر ومفاسدها وقدرة فائقة على الاحتفاظ بخصائص الفطرة أقرب ما تكون إلى السلامة، ذات آثار لا سبيل لناشئ فيها إلى التخلص منها.
ولقد أتيح لنا أن نرافق الشيخ الصديق في بعض الرحلات الجامعية فأطرفنا بالكثير الشيق عن تلك الحياة الحافلة بروح الفروسية، في صحبة الطبيعة الصافية والأنعام الناغية، إلى جانب المناهل الروحية التي طالما أمدته بما يعوزه من غذاء العلم والمعرفة.
والذين يعرفون الشيخ عن كثب مثلنا يشعرون بهذه المؤثرات في مظهره وحديثه وتصرفاته، وحتى في نبراته البريئة من كل تكلف؛ وأن ملامح البادية أول ما يطالع الناظر إلى الشيخ حماد الأنصاري: هيكل نحيف أقرب إلى الطول، ووجهه أسمر منمنم لا تكاد اِلابتسامة تفارقه، يخيل إليك أن سمرته أثر من لفح الشمس، ينظر إلى محدثه بعينين سوداوين، ينم صفاؤهما عن ود وذكاء وبساطة
اسم الکتاب : المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري المؤلف : الأنصاري، عبد الأول بن حماد الجزء : 1 صفحة : 139