responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا = تاريخ قضاة الأندلس المؤلف : النباهي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 18
شِرَاء أَو هبة، أَو صَدَقَة يُرِيد، وَإِن طَال ذَلِك فِي يَده أعواماً: أما إِذا أقرّ بِأَصْل الْملك لمدعيه، وَقَامَت لَهُ بَيِّنَة بذلك، فَهُوَ صَحِيح لَا أعلم فِيهِ اخْتِلَافا، لِأَن الْحِيَازَة لَا توجب الْملك؛ وَإِنَّمَا هِيَ دَلِيل عَلَيْهِ بِوَجْه تَصْدِيق غير الْغَاصِب فِيمَا ادَّعَاهُ من تصييره إِلَيْهِ، لِأَن الظَّاهِر أَنه لَا يجوز أَخذ مَال أحد، وَهُوَ حَاضر لَا يَدعِيهِ وَلَا يَطْلُبهُ، إِلَّا وَقد صَار إِلَى الَّذِي بِيَدِهِ، إِذا حازه فِي وَجهه الْعشْرَة الأعوام وَنَحْوهَا {لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم} : من حَاز شَيْئا عشر سِنِين، فَهُوَ لَهُ {مَعْنَاهُ عِنْد أهل الْعلم بِدَعْوَاهُ مَعَ يَمِينه؛ وَأما الْغَاصِب فَلَا دَلِيل لَهُ فِي كَون المَال بِيَدِهِ؛ وَإِن طَالَتْ حيازته لَهُ فِي وَجه صَاحبه لما يعلم من غصبه لأموال النَّاس والقهرة لَهُم عَلَيْهِم. قَالَ: وَأما إِن أثبت الْغَاصِب الشِّرَاء وَدفع الثّمن، فَادّعى البَائِع أَنه أَخذه مِنْهُ فِي السِّرّ، بعد أَن دفع إِلَيْهِ، فَهُوَ مُدع لَا دَلِيل لَهُ على دَعْوَاهُ، فَوَجَبَ أَن يكون القَوْل قَول الْغَاصِب الْمُدعى عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَة لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام} : الْبَيِّنَة على الْمُدعى، وَالْيَمِين على من أنكر. وَقد روى عَن يحيى بن يحيى أَنه قَالَ: إِذا قَالَ البَائِع إِنَّه أعطَاهُ الثّمن بِالظَّاهِرِ، فَدس عَلَيْهِ من أَخذه مِنْهُ، فَإِنَّهُ ينظر إِلَى المُشْتَرِي؛ فَإِن عرف بالعداء وَالظُّلم والتسلط، فَإِنِّي أرى القَوْل قَول البَائِع، مَعَ يَمِينه لقد دفع المَال إِلَيْهِ قهرة وَغَلَبَة، وَيرد مَاله عَلَيْهِ بِغَيْر أَن يرد إِلَيْهِ الثّمن. وَقَالَهُ ابْن الْقَاسِم. دفع ذَلِك فِي بعض الرِّوَايَات، وَهُوَ إغراق. فَإِذا أقرّ أَنه دفع إِلَيْهِ، ثمَّ أدعى أَنه أَخذه مِنْهُ، وَأما لَو لم يقر أَنه قبض الثّمن؛ وَقَالَ: إِنَّمَا أشهدت لَهُ على نَفسِي بِقَبْضِهِ، تقية وخوفاً مِنْهُ! لَا شبه أَن يصدق فِي ذَلِك مَعَ يَمِينه فِي الْمَعْرُوف بِالْغَصْبِ وَالظُّلم؛ وَإِنَّمَا يكون مَا قَالَ يحيى من تَصْدِيق البَائِع فِيمَا ادَّعَاهُ من أَنه دس إِلَيْهِ فِي السِّرّ من أَخذ الثّمن مِنْهُ، إِذْ أشهد لَهُ أَنه فعل ذَلِك بِغَيْرِهِ. وَنَرْجِع إِلَى مَا كُنَّا بسبيله؛ فَنَقُول: وَمِمَّنْ عرض عَلَيْهِ الْقَضَاء فأباه، الشَّيْخ الصَّالح بَقِي بن مخلد. كَانَت لَهُ خَاصَّة بالأمير الْمُنْذر بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن قبل ولَايَته الْملك؛ وَكَانَ قد قدم إِلَيْهِ فِي حَيَاة وَالِده الْبُشْرَى بالخلافة، لرؤيا قصها عَلَيْهِ. فَلَمَّا ولي الْخلَافَة، ضاعف لَهُ الْبر والكرامة والإعظام والتبجلة، وأحضره وأراده لولاية الْقَضَاء. فَأبى عَلَيْهِ. فَذهب إِلَى استكراهه. فَقَالَ الشَّيْخ بَقِي: مَا هَذَا جَزَاء محبتي وانقطاعي وصاغيتي؟

اسم الکتاب : المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا = تاريخ قضاة الأندلس المؤلف : النباهي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 18
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست