responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار المؤلف : الذهبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 356
نفاثة على خزاعة، فأمدتها قريش. فلم يغز رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا حَتَّى بَعَثَ إِلَيْهِمْ ضَمْرَةَ، فَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ إِحْدَى ثَلاثٍ: أَنْ يَدُوا قَتْلَى خُزَاعَةَ، وَبَيْنَ أَنْ يَبْرَءُوا مِنْ حِلْفِ نُفَاثَةَ، أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ على سواء. قالوا: ننبذ عَلَى سَوَاءٍ. فَلَمَّا سَارَ نَدَمَتْ قُرَيْشٌ، وَأَرْسَلَتْ أَبَا سُفْيَانَ يَسْأَلُ تَجْدِيدَ الْعَهْدِ.
وَقَالَ ابْنُ لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: كَانَتْ بَيْنَ نُفَاثَةَ مِنْ بَنِي الدِّيلِ وَبَيْنَ بَنِي كَعْبٍ حَرْبٌ. فَأَعَانَتْ قُرَيْشٌ وَبَنُو كِنَانَةَ بَنِي نُفَاثَةَ عَلَى بَنِي كَعْبٍ. فَنَكَثُوا الْعَهْدَ إِلَّا بَنُو مُدْلِجٍ، فَإِنَّهُمْ وَفَوْا بِعَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، وَشِعْرَ عَمْرِو بْنِ سَالِمٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا نُصِرْتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرْ بَنِي كَعْبٍ مِمَّا أَنْصُرُ مِنْهُ نَفْسِي ". فَأَنْشَأَتْ سَحَابَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ هَذِهِ السَّحَابَةَ تَسْتَهِلُّ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ، أَبْصِرُوا أَبَا سُفْيَانَ فَإِنَّهُ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ يَلْتَمِسُ تَجْدِيدَ الْعَهْدِ وَالزِّيَادَةَ فِي الْمُدَّةِ ".
فَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، جدد العهد وَزِدْنَا فِي الْمُدَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أولذلك قدمت؟ هل كان من حَدَثَ قَبْلَكُمْ؟ " قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَنَحْنُ عَلَى عَهْدِنَا وَصُلْحِنَا ". ثُمَّ ذَكَرَ ذَهَابَهُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَنْتَ أَكْبَرُ قُرَيْشٍ فَأَجِرْ بَيْنَهَا. قَالَ: صَدَقْتَ إِنِّي كَذَلِكَ، فَصَاحَ: أَلا إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ بين الناس، وما أظن أن يرد جواري ولا يخفر بِي. قَالَ: أَنْتَ تَقُولُ ذَاكَ يَا أَبَا حَنْظَلَةَ؟ ثُمَّ خَرَجَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَدْبَرَ: " الَّلهُمَّ سُدَّ عَلَى أَبْصَارِهِمْ وَأَسْمَاعِهِمْ فَلا يَرَوْنِي إِلا بَغْتَةً ". فَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَحَدَّثَ قَوْمَهُ، فقالوا: رضيت بِالْبَاطِلِ، وَجِئْتَنَا بِمَا لا يُغْنِي عَنَّا شَيْئًا، وَإِنَّمَا لَعِبَ بِكَ عَلَيَّ.
وَأَغْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجِهَازِ مُخْفِيًا لِذَلِكَ. فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى ابْنَتِهِ، فَرَأَى شَيْئًا مِنْ جِهَازِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْكَرَ وَقَالَ: أَيْنَ يريد رَسُولُ الله؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: تَجَهَّزَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَازٍ قَوْمَكَ؛ قَدْ غَضِبَ لِبَنِي كَعْبٍ. فدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَشْفَقَتْ عَائِشَةُ أَنْ يَسْقُطَ أَبُوهَا بِمَا أَخْبَرَتْهُ قَبْلَ أَنْ يَذْكُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأشارت إلى أبيها بعينها، فسكت. فمكث رَسُولُ اللَّهِ

اسم الکتاب : تاريخ الإسلام - ت بشار المؤلف : الذهبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 356
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست