اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 7
كل أولئك قد جعلني أسير في البحث على النسق الذي رأيته موفيا بما قصدت إليه من أغراض فجعلته في بابين يحوي أولهما ثلاثة فصول يتناول كل فصل جملة من الموضوعات المترابطة ويحوي الثاني فصلين أحدهما في فقه اللغة والثاني في النحو.
أردت في الباب الأول «عصره وحياته وآثاره» أن أخلص إلى الحديث عن منهجه في التفكير موضحا أصول هذا المنهج، وأن أدرس آثاره بصفة عامة، وقد اقتضى ذلك أن أبدأ بالحديث عن عصره، والحديث عن العصر يستلزم من الدارس أن يوضح إطاره السياسي والاجتماعي، فالحياة العقلية ترتبط بالاطارين السياسي والاجتماعي ارتباطا وثيقا، تتأثر بهما وتؤثر فيهما، ولا يمكننا تفسير بعض الظواهر الثقافية إلا إذا رددناها إلى المؤثرات السياسية والاجتماعية الملابسة لها.
لذلك خصصت الفصل الأول لتحديد الاطارين السياسي والاجتماعي لهذه الفترة، فبدأت بالحديث عن الحياة السياسية واقتضى ذلك الرجوع قليلا عبر السنين للتنبيه على حادثة هزت كيان العالم الإسلامي كله، وهي سقوط بغداد وانتقال الخلافة إلى القاهرة، وهذه الحوادث كان لها أثر بعيد في توجيه الحياة في البيئة المصرية طيلة عصر المماليك.
ثم انتقلت إلى الحديث عن السلاطين الذين عاصرهم السيوطي لما كان بينه وبينهم من صلات أثرت في توجيه حياته وفيما ترك من آثار، وانتقلت بعد ذلك إلى الحديث عن خلفاء بني العباس بمصر حياة السيوطي، لما كان له ولأبيه من قبل من حظوة عندهم جعلتهم لا يبخلون عليه بالعون والمؤازرة.
ثم أردت تحديد الاطار الاجتماعي لأتبين المكان الذي تنزله طبقة العلماء أمثال السيوطي من المجتمع، ولم تكن تتضح هذه المكانة إلا بمقارنة هذه الفئة بغيرها من فئات المجتمع ومن ثم فقد عرضت لأنواع هذه الفئات مبينا درجتها في المجتمع وفعلها فيه، كما أوضحت صورة الحياة في المدن وخصصت القاهرة بيئة السيوطي بالتفصيل الكبير، وعرضت لبعض الظواهر الاجتماعية والحيوية الهامة التي تميز بها المجتمع آنذاك وأهمها ظاهرة التصوف، وكل ذلك إنما تناولته لما للسيوطي وآثاره من صلة وثيقة به، فالرجل كما قلت صورة حية لمجتمعه
اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 7