اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 356
ابن جني وابن الأنباري والسيوطي متأثرة بالعلة الفقهية والعلة الكلامية، وقد طرقوا لذلك نفس الموضوعات التي طرقها الفقهاء من قبلهم، وبدا أن بعض ما يفيضون فيه لا يعبر عن واقع اللغة كحديث ابن الأنباري عن الحكم في محل النص وثبوته: أبالنص أم بالعلة [1]؟، وقد نقل عنه السيوطي ذلك، بينما لا نرى لهذا المبحث ثمرة عملية في اللغة، وحديث السيوطي عن مسالك العلة [2]، الذي أفاض في بحثه وترسم فيه خطى الفقهاء، وقد سبقه ابن جني ببحث مستفيض في العلل النحوية.
3 - اعتبار ابن جني الاجماع دليلا من أدلة النحو، وتابعه السيوطي في ذلك، وقد عده السيوطي الدليل الثاني بعد السماع، وهم يريدون به إجماع نحاة البلدين، وليس هنا برهان واقعي يمكن أن نستند إليه في اعتبار الاجماع حجة في اللغة، وبالرغم من شعور ابن جني والسيوطي بذلك فإنهما تأثرا بالفقه وترسما له قد اعتبراه من أدلة النحو، وزاد السيوطي بأن جعله الدليل الثاني، وخصص له الفصل الثاني من كتابه [3].
وبالرغم مما شاب كتاب الاقتراح من الخلط بين نوعي القياس، ومن تناول بعض المسائل التي لا تعبر عن الواقع اللغوي السليم، ولا تؤدي إليه فائدة، فإننا نجد فيه كذلك تعبيرا عن المنهج النحوي بحيث يعد أهم الكتب التي تمثل علم أصول النحو في نهاية تدرجه عند القدماء.
وقد تناوله ابن علان بشرح كبير نلاحظ فيه أنه لم يخالف السيوطي في غالب أقواله، بل يدل حديثه أثناء الشرح على إكباره الشديد له، فهو يذكر عن السيوطي أنه «مخض لبان علم العربية حتى أخرج بحسن صنيعه هذه الزيادة فجعلها أصلا لما تفرعت عنه وخرجت منه، وقد تدرك العناية الأخير فينال ما يجبر وصمة التأخير» [4].
وهو يريد بقوله أن عمله قد فاق به المتقدمين، وأبدع فيه ما لم يبدعوا. [1] لمع الأدلة ص 121، الاقتراح ص 51. [2] الاقتراح ص 58. [3] الاقتراح ص 35. [4] شرح ابن علان على الاقتراح (مخطوط) ص 5، 6.
اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 356