اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 272
فقد فضلت قريش على غيرها من القبائل بخلو لغتها مما اعتبره اللغويون عيوبا صوتية فليس في كلامهم «عنعنة تميم ولا عجرفية قيس ولا كشكشة أسد ولا كسكسة ربيعة ولا كسر أسد وقيس» [1].
وإذا كانت هناك درجات للفصاحة في الألفاظ فلا بد أن يكون من الألفاظ ما لم يبلغ درجة الفصاحة، وقد تناول السيوطي هذه الألفاظ في المبحث التالي تحت اسم «الضعيف والمنكر والمتروك من اللغات»، فالضعيف ما انحط عن درجة الفصيح، والمنكر أضعف منه وأقل استعمالا بحيث أنكره بعض أئمة اللغة، ولم يعرفه والمتروك ما كان قديما من اللغات ثم ترك واستعمل غيره» [2].
وقد أورد لكل منها أمثلة عديدة، ويعنينا هذا المبحث في تأكيد ما سبق أن قلناه عن النقد الداخلي للنصوص وهو النظر في المنقول نفسه وقبوله أو رده أو تضعيفه حسب بعض الاعتبارات اللغوية، وتناول المتروك يدل على فهم اللغة على أنها كائن حي متطور تتعرض ألفاظها لعوامل الحياة والفناء التي تعتري الكائن الحي. وقد نبه في آخر الفصل على الفرق بين الضعيف من حيث اللفظ وبين الضعيف من حيث الاسناد وهو الذي تناوله من قبل بما يدل على تمييزه بين نقد السند وبين نقد المتن واحتفاله أيضا بنقد المتن حيث يقول: «الفرق بين هذا النوع وبين النوع الثاني أن ذاك فيما هو ضعيف من جهة النقل وعدم الثبوت، وهذا فيما هو ضعيف من جهة عدم الفصاحة مع ثبوته في النقل، فذاك راجع إلى الاسناد وهذا راجع إلى اللفظ» [3].
ثم يظهر الاعتبار الصوتي مرة أخرى حين يتحدث عن الرديء المذموم من اللغات، فالعيوب الصوتية التي تظهر لدى بعض القبائل العربية في الأداء اللغوي والتي خلت منها لغة قريش جعلت اللغويين يستكرهون ما يظهر منها في الأداء ويعدونه مذموما، وقد عقد ابن فارس من قبل فصلا عن اللغات المذمومة [4]، قاصدا بها العيوب الصوتية التي تظهر في الأداء كالعنعنة عند تميم [1] المزهر ج 1 ص 210. [3] نفس المصدر ج 1 ص 220. [2] المصدر السابق ج 1 ص 214. [4] الصاحبي في فقه اللغة ص 24.
اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 272