اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 257
وفي الفصل التالي تناول السيوطي- على طريقة أهل الحديث- بحث من تقبل روايته ومن ترد [1]، ونلاحظ أنه تناول نفس العناصر التي يبحثها أهل الحديث في هذا الموضوع [2].
ولما كان مسبوقا هنا ببعض الملاحظات والدراسات التي قام بها اللغويون السابقون كابن فارس وابن الأنباري وغيرهما فإنه قد جمع في هذا الفصل ما سبقه من هذه الأقوال، وضم إليها ما رآه مناسبا من الأمثلة التي استخرجها من كتب اللغة. ويعد هذا الفصل من أقيم الفصول التي كتبها السيوطي فيما يتصل بنقد الرواية اللغوية بصفة عامة فقد بين أن العدالة شرط في نقد اللغة، وأن نقل العدل الواحد يقبل ولا يشترط أن يوافقه في النقل غيره، ونجد بعد ذلك ملاحظة هامة لاحظها بعض اللغويين وأكدها وبينها السيوطي وهي التفرقة في اللغة بين ناقلها وبين قائلها، فالعدالة تشترط في الناقل ولا تشترط في القائل ولذلك اعتمد على أشعار العرب الجاهليين وهم كفار، كما أخذت اللغة عن الصبيان بل وعن المجانين ممن خلصت عربيتهم.
وقد وقف اللغويون من المجهول موقفا يماثل موقف المحدثين في عدم قبوله، والمجهول هو الذي لا يعرف ناقله، أما الذي لا يعرف قائله فيختلف عن ذلك حيث يصح قبوله إذا نقله العدل، ومن أمثلته خمسون بيتا أوردها سيبويه لا يعرف قائلوها وليست من قبيل المجهول باعتبار الناقل، وقد وقع بعض اللغويين في هذا الخلط بين المجهول ناقله وبين المجهول قائله [1].
كما عرض السيوطي لمسألة التعديل على الابهام التي لم يقبلها كثير من أهل الحديث [2]، حيث اشترطوا ضرورة تسمية الرواة حتى يمكن معرفتهم جرحا وتعديلا ولا يكتفي بتعديل من يروي عنهم، بيد أن التعديل على الابهام قد وقع كثيرا في كتب أئمة اللغويين كسيبويه الذي كثيرا ما يذكر: «أخبرني الثقة، أو حدثني من أثق بعربيته دون أن يسمي المنقول عنه، وكتاب سيبويه مقبول موثق عند الجمهور، وهذا يدل على ما سبق أن لاحظناه من وجود بعض [1] المزهر ج 1 ص 141، 142. [2] الخطيب البغدادي: الكفاية ص 373، 374، مقدمة ابن الصلاح ص 52.
اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 257