اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 210
الأسماء التي ترجع إلى وضع القبائل المتعددة، أو الصفات التي تصرف في وضعها أفراد كل قبيلة ثم نزّلت منزلة الحقائق العرفية بعد أن فشت في الاستعمال [1]، وإلى هنا فإن كلامه مقبول، بيد أنه مثل لذلك بما ورد من أسماء العسل وأنها ثمانون وأسماء الأسد التي بلغت ثلاثمائة وخمسين وأسماء الكلب التي بلغت سبعين ... إلى آخر هذه الأمثلة وهذا ما لا نقبله لأن كثيرا من هذه المترادفات من قبيل الصفات التي لم تنزل في اللغة منزلة الحقائق العرفية، وإنما الدافع إلى اعتبارها من المترادفات عند اللغويين هو الرغبة في بيان اتساع الحفظ اللغوي والدراية بأكبر عدد من الألفاظ، دون التنبيه على ما يمكن أن يسمى بالمترادف وما هو من قبيل الصفات التي لا يمكن بحال أن تطلق وحدها ويفهم منها مسماها، ولقد كان المنهج النقلي المفتون أحيانا بالحفظ والاستكثار هو الدافع لهؤلاء بما فيهم السيوطي إلى أن يقوموا بمباحثهم التي يحاولون فيها إظهار حفظهم لأكبر عدد من الألفاظ.
والذين توسطوا بين إنكار الترادف مطلقا وإثباته مطلقا يراعون ما راعاه منكر والترادف من الفروق الدقيقة بين الألفاظ المختلفة الموضوعة لشيء واحد، وهو ما تبلغ فيه العربية حد الإعجاز، وقد تتبع الثعالبي هذه الفروق وبينها في كتابه فذكر- مثلا- أن الكأس لا يقال لها كأس إلا إذا كان فيها شراب، وإلا فهي قدح، ولا يقال مائدة إلا إذا كان عليها طعام وإلا فهي خوان، ولا كوز إلا إذا كانت له عروة وإلا فهو كوب [2]. وللانصاف فإن القائلين بوجود الترادف لا ينكرون هذه الفروق الدقيقة بين الألفاظ الموضوعة لشيء واحد وقد عقد لها السيوطي مبحثا سماه بالمطلق والمقيد [3]، ولكنا نأخذ عليهم أنهم لم يضعوها في اعتبارهم عند بحث الترادف.
ونجد من الباحثين المحدثين من يؤيد المذهب المعتدل في الترادف [4]، وهو [1] مصطفى صادق الرافعي: تاريخ آداب العرب ج 1 ص 192. [2] فقه اللغة ص 321. [3] المزهر ج 1 ص 499. [4] صبحي الصالح: دراسات في فقه اللغة ص 346.
اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 210