اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 182
شرحها وإجراء الملاحظات اللغوية عليها، بيد أن شيئا من كتبه لم يصل إلينا [1]، وقد ذكر القدماء أنه أحرق هذه الكتب قبل وفاته، ولكن أثره قد ظهر واضحا في تلاميذه الذين برزوا في ميدان اللغة وقد توفي أبو عمرو عام 145 هـ.
وأهم اللغويين الذين نجدهم في هذه الفترة هم تلامذة أبي عمرو وطبقتهم [2]، وقد قام هؤلاء بأجل الأعمال اللغوية فقد اضطلعوا بعملية شاقة تتمثل في جمع اللغة والرحلة إلى البادية تحقيقا لهذا الغرض، وقد ظلت الرحلة إلى البادية والسماع من الأعراب الذين لم تديف ألسنتهم بالعجمة سنة متبعة بين اللغويين حتى منتصف القرن الرابع الهجري، وفي ذلك الحين توقف اللغويون عن الأخذ عن أعراب البادية، وانتهى بذلك عهد السماع اللغوي، وانقطع المدد اللغوي المنطوق الذي كان يعتمد عليه اللغويون بالاضافة إلى ما لديهم من مصادر مقررة ومعروفة تتمثل في القرآن الكريم بقراءاته وأشعار الجاهليين والاسلاميين والأمويين الذين يختتمون بابن هرمة، وأقوال فصحاء الحواضر حتى منتصف القرن الثاني.
وبذلك فإن المرحلة الأولى في التأليف اللغوي قد تأثرت بما يهم اللغويين في ذلك الحين وهو عملية الجمع، ونلاحظ على آثارهم التي خلفوها عنايتها بجمع الألفاظ التي تدور حول موضوع معين دون أن يكون هناك اهتمام كبير بدراسة الفلسفة اللغوية لهذه الألفاظ أو تعمق في دراسة الخصائص اللغوية المتنوعة المتصلة بها.
وأقدم المؤلفات في اللغة هي ما خلفه هؤلاء فقد ترك الأصمعي (215 هـ) عددا كبيرا من الكتب ضاع عدد منها ووصل إلينا عدد لا بأس به، والنظرة في كتب الأصمعي تؤيد الملاحظة السابقة عن اتجاه المؤلفين إلى جمع الألفاظ التي تتصل بموضوع ما بعضها إلى جانب بعض، فله من الكتب خلق الانسان، الأجناس والأنواء، الهمز، المقصور والممدود، الصفات، الميسر والقداح، خلق الفرس، الابل، الشاء، الأخبية والبيوت، الأمثال، الأضداد، الألفاظ، [1] بروكلمان: تاريخ الأدب العربي الترجمة العربية ج 2 ص 129. [2] الأزهري: مقدمة تهذيب اللغة ج 1 ص 11.
اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 182