اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 160
الزّمان في ابتداع شخصية طريفة تدور حولها القصة، وتحرر في أكثرها من هذا المنهج فضمن بعض مقاماته موازنات ومنافرات وضروبا من الجوار التمثيلي كما في مقامته المسكية في أنواع الطيب، ومقامته الوردية في أنواع الرياحين، والتفاحية في أنواع الفواكه، والفستقية في أنواع النقول وغيرها، وبعض مقاماته يعتبر مقالات أو رسائل تعرض لموضوع معين ونتناوله بالمعالجة وذلك كمقامته اللازوردية في التعزية عن فقد الأولاد، ومقامته في وصف الروضة والمقامة الطاعونية وغير ذلك.
فالمقامة المسكية يفترض فيها المؤلف اجتماع أمراء الطيب ومنافرتها وقيام أحد الحكام بإعطاء كل منهم أوصافه وحقوقه، وقد حكم بين المسك والعنبر والزعفران فقدم المسك وجعل العنبر ثانيا والزعفران في المرتبة الثالثة، وصرح لكل بفضله [1]، وقد التزم السيوطي المحسنات اللفظية في سائر المقامة، وفي المقامة الوردية [2]، افترض أن الأزهار قد اجتمعت عساكرها واتفقت على عقد مجلس لاختيار من هو أحق بالملك فصعد كل منها المنبر ليبدي فضيلته وحجته، وهو يلتزم فيها أيضا الأسلوب البديعي فيقول فيها: « ... واتفقت على عقد مجلس حافل، لاختيار من هو بالملك أحق وكافل، وها أكابر الأزاهر، قد صعدت المنابر، ليبدي كل حجته للناظر، ويناظر بين أهل المناظر، في أنه أحق أن يلحظ بالنواظر، من بين سائر الرياحين النواضر، وأولى بأن يتأمر على البوادي منها والحواضر ... الخ» [2].
أما المقامتان التفاحية والفستقية فهما وصف لأنواع الفواكه والنقول وفوائدها المتنوعة، وما ورد فيها من الآثار مع العناية بالتزام الأسلوب البديعي الذي يتسم بالتكلف في غالب الأحيان. وتمتلئ مقامات السيوطي بالآيات والأحاديث التي يضمنها عباراته كما تشيع فيها الحكم والأمثال والأشعار الكثيرة، واختياره للأشعار يدل على ذوق أدبي جميل، وفي مقامته التي خصصها للتعزية عن فقد [1] المقامة المسكية، مقامات السيوطي ص 1 - 11. [2] المقامة الوردية، المقامات ص 11 - 24.
اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 160