الحالة الفقهية في العالم الإسلامي بعامة ونجد بخاصة:
إن الباحثين في الفقه الإسلامي يختلفون في تسمية المراحل التي مر بها الفقه الإسلامي تطورا وركودا، إلا أنهم يجمعون على أن الفقه الإسلامي دخل طور الشيخوخة والهرم منذ القرن الخامس الهجري، حيث بدأ في التدهور والضعف والاعتماد الكلي على ما خلفه الفقهاء قبلهم من تراث فقهي وثروة علمية دون أن تكون لهم فيه مساهمة بزيادة أو تجديد.
يعنون العلامة محمد بن الحسن الحجري الثعالبي الفاسي هذه الفترة في تاريخ الفقه الإسلامي بقوله:
"القسم الرابع: في الطور الرابع للفقه وهو طور الشيخوخة والهرم القريب من العدم".
ثم يذكر الظواهر العلمية الفقهية والأسباب التي أدت إليها بقوله: "هذا الطور مبدأه من أول القرن الخامس الهجري إلى وقتنا هذا الذي هو القرن الرابع عشر، وذلك أنه وصل إلى منتهى قوته في القرون الأربعة السابقة وتم نضجه فزاد بعد حتى احترق وذهبت عينه، ولم يبق إلا مرقه في القرن الخامس وما بعده إلى أن صار الآن أثرا بعد عين، ذلك لأسباب منها:
قصور الهمم عن الاجتهاد إلى الاقتصار على الترجيح في الأقوال المذهبية والاختيار منها ... ثم قصروا عن ذلك في هذه الأزمان واقتصروا على النقل عمن تقدم فقط، وانصرفت همتهم بشرح كتب المتقدمين وتفهمها ثم اختصارها، وفكرة الاختصار ثم التباري فيه مع جميع الفروع الكثيرة في اللفظ القليل هو الذي أوجب الهرم وأفسد الفقه بل العلوم كلها ... إذ صاروا قراء كتب لا محصلي علوم، ثم في الأخير قصروا عن الشرح، واقتصروا على التحشية والقشور ومن اشتغل بالحواشي ما حوى شيئا"[1].
والفقه، أصبح يعنى في العصور المتأخرة تعلما وتعلما، حفظ متون معينة وترديد [1] الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي, خرج أحاديثه وعلق عليه عبد العزيز بن عبد الفتاح القاري (المدينة المنورة المكتبة العلمية 1397هـ/1977م ص163) .