ولقد كنتُ أظن أن (اللسان) قد قطع لسانَ من أراد الزيادة عليه، وأنه لم يترك لمن بعده فيه مقالًا؛ وكنتُ أسمع نحو ذلك من أهل العلم وطلبته. حتى مَنَّ اللهُ تعالى عليّ بمشروع عظيم، أعيش معه من سنواتٍ طويلاتٍ، تزيد على عشر سنوات.
فكان من ثمرات هذا المشروع ما أُقدمه اليوم لأهل العلم وطلبته، وهي سبعٌ وثلاثون ومائتا ترجمةٍ على شرط (لسان الميزان) [1]، قد فاتت الحافظ ابن حجر أن يذكرها فيه.
وقد كنت خلال تلك السنوات وأثناء عملي في مشروعي المنوَّهِ به ألتقطُ تلك التراجم من بطون الكتب، ومن مناجم العلم، ومعادن السُّنن، ترجمةً ترجمةً، حتى بلغ العقد سبعًا وثلاثين ومائتي خرزة. وهو عددٌ كبير، مِنْ مناجمَ ما كان يُظَنُّ إلا أنها قد اسْتُنْفِدَتْ، ومعادنَ قد تَوَارَدَ عليه المُنَقِّبون حتى ما عاد يُحْسَبُ إلا أنهم قد أفقروها.
ثم إني خشيتُ ضياعَ ذلك الجُهْد، بموتٍ أو فَقْد؛ فسارعتُ إلى تأليف ذلك النظم، لأُزيّنَ به جِيدَ العلم. وإلا فإني ما زلتُ على مشروعي، ولا أشك أن بابَ الاستدراك والزيادة لم يزل مُشْرَعًا؛ [1] وقد اعتمدت في مراجعة (لسان الميزان) الطبعة القديمة: المطبوعة بمجلس دائرة المعارف النظامية بالهند (سنة 1329 هـ). ثم دققت التراجم ومراجحتها على الطبعة الحديثة التي بتحقيق خليل محمَّد العربي وغيره، المطبوعة بمطبعة الفاروق الحديثة.