responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رائد التجديد الإسلامي محمد بن العنابي المؤلف : أبو القاسم سعد الله    الجزء : 1  صفحة : 72
وفي حديثه عن الحزم [29]، يقترب المؤلف من عصره رواية ورأيا. فقد عرف الحزم بأنه ضبط الرجل أمرم وأخذه بالثقة والمشاورة، لأن الرأي هو أساس الانطلاق نحو النجاح، ولذلك جاء ببيت المتنبي المشهور:
الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أولا وهي المحل الثاني
كما جاء بخبر عن المؤرخ ابن عبد الحكم خاصا بفتح الإسكندرية. وحول المشاورة وأهميتها نقل قصة طويلة عن فتح الأندلس أيضا على يد طارق ابن زياد، ونقل قصة أخرى في نفس المعنى عن حرب الأحباش والفرس من كتاب (الحلل السندسية في الأخبار التونسية) للوزير السراج. وختم ذلك بقوله (فانظر ماذا يتأتي على الملوك إذا عرفوا في الحروب من الحيلة. بالمكيدة). أما من كتاب (بشائر أهل الإيمان بفتوحات آل عثمان) لحسين خوجة فقد جاء بقصة السلطان العثماني، مراد الأول الذي أهمل الحزم فقتله عدوه الجريح خدعة. ولنلاحظ أنه لم يشر بشيء إلى وقائع الحملة الفرنسية على مصر، رغم حداثة عهدها، فهل كان لميول محمد علي نحو فرنسا أثر في ذلك؟ كما أنه لم يستشهد بحوادث معاصرة له في الجزائر.
ولكن ابن العنابي يدخل عصره حقا في تناوله رحمة الضعفاء وإجراء العدل وبذل الحقوق لمستحقيها [30] والواقع أن زجه بهذا الموضوع (السياسي) وسط حديثه عن (الأمور الحربية) قد جعله وكأنه هو المقصود بالذات من الكتاب كله، رغم نشازه. فهو فصل معقود لتمجيد آل عثمان وتفضيلهم على غيرهم، وإظهار دورهم في التاريخ، ثم تحذير المعاصرين منهم من الظلم والاستبداد والانحراف عن سيرة أجدادهم. ولذلك مهد لهذه المعاني بقوله (إن قسوة القلب على الضعفاء، والجور في الأحكام الشرعية، ومنع الحقوق من مستحقيها، والإيثار بها لمن لا يستحق، من أسباب خراب الملك وزوال الدولة). ويظهر ابن العنابي مؤرخا وناقدا سياسيا وواعظا عند تناوله لتدهور واضمحلال الدولة

[29] نفس المصدر، الفصل 13.
[30] نفس المصدر، الفصل 14.
اسم الکتاب : رائد التجديد الإسلامي محمد بن العنابي المؤلف : أبو القاسم سعد الله    الجزء : 1  صفحة : 72
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست