لكنَّه بينما كان يتأهَّب لسفرٍ من أسفاره اشتكى الطِّفل الصَّغير من علَّةٍ ألمَّت به، فجزع عليه جزعاً شديداً كاد يصرفه عن السَّفر.
وفي غيبته القصيرة ذوى [1] الغصن النَّضير [2]، ثمَّ وُري الثَّرى [3]، فقالت أمُّ سليمٍ لأهلها:
لا تخبروا أبا طلحة بموت ابنه حتَّى أخبره أنا.
****
عاد أبو طلحة من رحلته فتلقَّته أمُّ سليمٍ هاشَّةً باشَّةً فرحةً مستبشرةً؛ فبادرها بالسُّؤال عن الصَّبيِّ فقالت:
دعه فإنَّه الآن أسكن ما عرفته.
ثمَّ قربت إليه العشاء، وجعلت تؤنسه وتدخل على قلبه السرور، فلمَّا وجدت أنَّه شبع واستراح قالت له:
يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوماً استرجعوا عاريةً (4) [1] ذوى: ذبل وضعف. [2] النَّضير: الحسن الجميل. [3] ووري الثرى: دفن في التراب.
(4) عاريَّة: الشئ المستعار الذي يجب رده.