اسم الکتاب : طبقات النحويين واللغويين المؤلف : الزبيدي، أبو بكر الجزء : 1 صفحة : 246
مشغول القلب، فقلتُ له: ما بالك؟ فقال: ابني تميم، جاء معي. فقلتُ: يدخل. وأمرتُ الغلامَ بإدخاله، فلم يجدْه، فتبسَّم وقال: أنفسُ بني تميم! لما دخلتُ وتركتُه، غضب.
وكان الداروني شاعرًا مجيدًا، غزير الشعر، جيد الطبع، مقتدرًا على المعاني.
وحدثني أبو إسحاق القرشي المعروف بالقَدَري -وكان كثير الملازمة للدَّارُوني- قال: أملقَ الدَّارُونيُّ يومًا، فكتب إلى أبي جعفرٍ المروذي -وكان يخدم الشيعة-:
كتمتُ إِعساري وأخفيتُه ... خوفًا بأن أشكُو إلى مُعسِرِ
وأن يقولَ النَّاسُ: إِنِّي فتًى ... لم أَصُنِ العِرضَ ولم أصبرِ
فإن تكنْ في حاجةٍ شاكيًا ... فاشكُ إلى مثلِ أبي جعفرِ
فهو لما أمَّلتَه أهلُه ... وما أراهُ اليومَ بالموسرِ
فأجابه وقال:
أفضلُ ما يذكرُه ذاكرٌ ... إغاثةُ الملهوفِ والمقترِ
لا سيَّما شكوى حسينٍ لما ... مضَّ به قلبَ أبا جعفرِ
فلو حباه كلّ ما يحتوي ... لم يكُ في ذلك بالمكثرِ
لكنَّه صادف أحوالَهُ ... منظرُها يشهد بالمَخْبَرِ
فوجه التَّافه من قوتِه ... نزرًا ولو أكثر لم يُكثِرِ
ودخل الداروني يومًا على خليلٍ، وكان يومئذٍ يُجهِّز بعثًا لبعض ملوك الشيعة، فدخل عليه وهو يكتب أسماءهم، فسأل الداروني إسقاط ثلاثة نفر من أوليائه، فتأبى عليه خليل، واعتذر له، واحتج له في المنع، فوجم الداروني، فلما رأى ذلك قال: حُجَّتي يا تميميُّ صحيحةٌ. فأجابه الداروني وقال:
اقض حاجاتي ودَعْ ... ـنِي من قوافيك المليحَهْ
اسم الکتاب : طبقات النحويين واللغويين المؤلف : الزبيدي، أبو بكر الجزء : 1 صفحة : 246