الخرف من الضابط المتقن. . . والفاسق المبتدع، من العدل المتبع. . . فقام سوق الجرح والتعديل، وحمل لواءه كل عالم، عامل نحرير، يذب عن الصحابة وتابعيهم، ومنهجهم ودعوتهم، بالسيف والسنان، والبنان واللسان، والحجة والبيان، وأصبح أهل العلم يمتازون بأسانيدهم، ويرحلون الأيام والشهور والسنين والعقود، من أجل تحصيل العالي منها، وتدوينها، ونشرها، وأصبح لزاما معرفة الخبيث من الطيب من الرواة، والعدل الضابط، من الجاهل الهابط، وصار الأئمة يعرفون بمعرفتهم برجال الأسانيد. . كنى وأسماء وألقابا. . ولادة وحياة ووفاة. . نسبا وحسبا وولاء. . إقامة وسكنا ورباطا. . رحلة ونزولا واستيطانا. . لقاء وسماعا وبلاغا. . مناولة وإجازة ووجادة. . مشافهة وحفظا واستملاء. . كتابة وعرضا وإنباء.
وورثونا والأجيال من قبلنا ومن بعدنا، عصارات جهدهم، وخلاصة بحثهم، وصافي معرفتهم في أسماء الرجال وكناهم. . وأنسابهم وبلادهم. . وولاداتهم ووفياتهم. . وطبقاتهم ومراتبهم. . وشيوخهم وتلاميذهم. . وما لهم وما عليهم من تعديل أو تجريح. . كل ذلك بميزان أدق من ميزان الذهب و (الماس). . لا يبتغون من وراء ذلك ذم الناس والأجناس، وإنما إرضاء رب الجنة والناس وقمعا لنزغات الوسواس الخناس.
وقد قام كثير من المحققين من علماء الملة والدين، بترجمة هؤلاء الأعلام الكرام، الذين حملوا لواء السنة، والحديث والأثر، لإظهار فضائلهم وضبط أحوالهم، للوثوق برواياتهم ونقلهم، وترجمة أعلام اللئام، الذين كادوا لدين الإسلام بالبدع والشكوك والأوهام ليحذر الناس من شرهم ويردوا عليهم سوء مكرهم.