اسم الکتاب : استشهاد الحسين رضوان الله عليه بين الحقائق والأوهام المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 56
إن النفوس المتطلعة إلى الدنيا، تنسى في سبيلها شهامة الرجال، ومروءة الكرام بل تنسى ما هو أعظم من ذلك موقفها بين يدي الله عز وجل، وأنها ستحاسب على كل عمل تعمله، بل تنسى بديهيات الأمور، حيث تنسى فناء الدنيا، وزوال المنصب، وضياع الجاه والسلطان، لقد كان عمر بن سعد في غنى عن أن يقرن اسمه بأسماء الخونة الغادرين، وأن يسجل في سجل المعتدين الآثمين، لو أنه ضحى بالمنصب، وقبل طاعة الله ورسوله، ولو أنه فعل ما فاته شيء مما كتب له من متاع الدنيا، ولكان عند الله من الأبرار الصالحين [1].
4 ـ يزيد بن معاوية: وأما يزيد، فظاهر الأمر أنه كره قتل الحسين ـ رضي الله عنه ـ وحاول أن يمنعه من الخروج، فكتب إلى ابن عباس، يسأله أن يكف الحسين عن الخروج وحين وضعت الرأس الشريفة بين يديه وقال: لعن الله ابن مرجانة كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه [2]. وهذا البكاء على الحسين، وسب ابن مرجانة لا يرفع اللوم عن يزيد، ولا يخليه من تبعة قتل الحسين وأصحابه، ذلك لأنه كان قادراً على أن يوجه أوامر صريحة لابن زياد بعدم قتل الحسين رضي الله عنه، والتصرف معه بكل حكمة وتعقل، حفظاً لرحمه وقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكانته في قلوب المسلمين [3].
إن تحمل يزيد لمسؤولية قتل الحسين ـ رضي الله عنه ـ قائمة كيف وقد قتل في خلافته وعلى أرض تسيطر عليها جيوشه، وقد كان أمير المؤمنين ـ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ـ يحمّل نفسه مسؤولية بغلة عثرة في العراق أو في الشام، لم يسو لها الطريق، فكيف إذا كان القتلة هم جند أمير المؤمنين [4]؟ إن مقتل الحسين رضي الله عنه سيظل وصمة عار ونقطة سوداء في عهد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. [1] الأمويون بين المشرق والمغرب (1/ 244). [2] أنساب الأشراف (3/ 219، 220) سند حسن. [3] العالم الإسلامي في العصر الأموي صـ478. [4] الأمويون بين المشرق والمغرب (1/ 245).
اسم الکتاب : استشهاد الحسين رضوان الله عليه بين الحقائق والأوهام المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 56