مقدمة الطبعة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبيه الذي من تمسك بشريعته فاز ونجا، وعلى آله وصحبه الذين أناروا حالك الدجى.
أما بعد: فقد كنت منذ حداثة سني ولوعاً بالكتاب الكريم، شغوفاً بمطالعة ما كتبه أئمة المفسرين، وما دونه علماء الملة والدين؛ وكنت دائماً أناقش من حضرني من أفاضل الأدباء وجلة العلماء، فيما كان يبدو لي مشوهاً متناقضاً؛ وكثيراً ما وضح ترجيح رأيي، وتفضيل مذهبي.
فجرأني هذا، وألجأني إلحاف من يحسنون الظن بي؛ إلى الشروع في كتابة تفسير صغير للقرآن المجيد، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فترددت بادئ ذي بدء، وخفت من الزلل، وخشيت من الخطل، ولكني راجعت نفسي قائلاً: إن الأمر بيد الله تعالى. وهو وحده القادر على أن يمدني بنور من عنده، ويكشف عن بصري وبصيرتي، وينقي سري وسريرتي، فاستعنته تعالى، وابتدأت التأليف؛ بعد أن تصفحت أغلب كتب التفسير وأمهاتها، ولا أكتم القول أن جلها - إن لم يكن كلها - قد يجمع على ضلالة. وأنها لا تخلو من حشو اليهود وإفك الأفاكين؛ إلى غير ذلك من الأحاديث الكاذبة، والأقاويل الباطلة.
ورب قائل يقول: ومن أنت حتى تنقد أقوال المفسرين وتسفه آراءهم؟ وهل أنت أجل من ابن جرير الطبري، وأنبغ من ابن كثير والإمام الرازي والزمخشري؟!
وجوابي على هذا: إنني من بحرهم استقيت، ومن معينهم ارتويت؛ إلا بعض الهنات، وسبحان من تنزه عن السيئات. وقد أخذت خلاصة آرائهم، وزبدة أقوالهم، وطرحت ما لا يتفق والدين، وما كان مخلاً بعصمة الملائكة والنبيين، وتحريت التنبيه على الأحكام الشرعية، وما يعادلها من القوانين الوضعية. وتوخيت في بعض المواطن