responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إتحاف ذوي الألباب المؤلف : الكرمى، مرعي بن يوسف    الجزء : 1  صفحة : 66
وَالتَّبْدِيلِ بِالمَحْوِ وَالإِثْبَاتِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ.
قُلْتُ: وَعَلَى تَسْلِيمِ وُقُوعِ المَحْوِ وَالإِثْبَاتِ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ؛ فَفِيهِ عِنْدِي إِشْكَالاَنِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُمَا وَلَا لِلْجَوَابِ عَنْهُمَا:
الأَوَّلُ: أَنَّ اللَّوْحَ المَحْفُوظَ مَحْفُوظٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَمِنْ أَنْ يُغَيَّرَ وَيُبَدَّلَ.
وَلَعَلَّ الجَوَابَ: أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ صَوْنِهِ وَحِفْظِهِ مِنْ أَنْ يَتَطَرَّقَ إِلَيْهِ خَلَلٌ أَوْ فَسَادٌ مِنْ أَحَدٍ مِنَ المَخْلُوقَاتِ؛ بَلِ اللهُ هُوَ يَمْحُو وَيُثْبِتُ، أَلَا تَرَاهُ أَسْنَدَ ذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ، فَقَالَ: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} وَإِلَّا فَهَذَا - أَيْضًا - يَرِدُ عَلَى مَنْ قَالَ: يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ؛ إِلَّا السَّعَادَةَ وَالشَّقَاوَةَ وَنَحْوَهُمَا.
الثَّانِي: أَنَّهُ يَرُدُّ القَوْلَ بِالمَحْوِ وَالإِثْبَاتِ: مَا مَرَّ نَقْلُهُ مِنَ الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ أَنَّ اللهَ - تَعَالَى - لَمَّا خَلَقَ القَلَمَ كَتَبَ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَالمُثْبَتُ بَعْدَ المَحْوِ لَمْ يُكْتَبْ إِلَّا بَعْدَ المَحْوِ، فَيَلْزَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكْتُبْ مُقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ - حِينَئِذٍ -، وَذَلِكَ فَاسِدٌ.
قُلْتُ: هُوَ قَوِيٌّ، وَلَعَلَّ جَوَابَهُ: أَنَّ المُثْبَتَ بَعْدَ المَحْوِ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ، وَلَكِنَّ اللهَ لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ المَلائِكَةَ إِلَّا بَعْدَ إِثْبَاتِهِ، فَعَلَى هَذَا فَالمَحْوُ وَالإِثْبَاتُ إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا يَظْهَرُ لِلْمَلَائِكَةِ بِحَسَبِ مَا يَتَرَاءَى لَهُمْ لِيَكُونَ ذَلِكَ لَهُمْ عِبْرَةً تَامَّةً وَحِكْمَةً بَالِغَةً مِنْ أَنَّ اللهَ - تَعَالَى - هُوَ المُتَصَرِّفُ فِي العَالَمِ التَّصَرُّفَ العَامَّ المُطْلَقَ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ.

اسم الکتاب : إتحاف ذوي الألباب المؤلف : الكرمى، مرعي بن يوسف    الجزء : 1  صفحة : 66
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست