اسم الکتاب : التفسير الوسيط - مجمع البحوث المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 338
سبب النزول:
نزلت هذه الآية في غزوة الخندق، حين أصاب المسلمين ما أصابهم، وبلغت القلوب الحناجر.
وقيل: نزلت في غزوة أحد، لَمَّا قُتِل من المسلمين عددٌ كبير.
وقال عطاء: لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة، اشتد الضر عليهم، لأنهم خرجوا بغير مال، وتركوا ديارهم وأموالهم بيد المشركين، وآثروا رضا الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله، وأَسَرَّ قوم من الأغنياء النفاق، فأَنزل الله هذه الآية، تطييبًا لنفوس المؤمنين.
وكيف كان سبب النزول، فالمقصود من الآية هو: حث المؤمنين على التحمل والصبر، حينما يمتحنون بالشدائد، في سبيل دينهم. فلا يَعْبَأُون بما ينالهم - في أنفسهم وأموالهم - من الأذى، فإن الله عنده خير العوض.
والمراد بمثل الذين خلوا من قبلهم: ما نالهم من الشدائد والمحن في سبيل دينهم.
وفي ذلك روى البخاري وغيره: عن خَباب بن الأرت، قال:
شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسِّد بردةً في ظل الكعبة - ما لقينا من المشركين فقال: "إنَّ مَنْ كان قبلكم: كان أَحَدُهم يُوضَعُ المنشارُ على مَفْرِقِ رأسه، فيخلُصُ إلى قدميه: لا يصرفهُ ذلك عن دينه، ويُمشطُ بأمشاط الحديد ما بين لحمِهِ وعظمه: لا يصرفه ذلك عن دينه. ثم قال: "والله، لَيتِمَّنَّ هذا الأمرُ، حتى يسيرَ الراكبُ من صنعاءَ إلى حضر موتَ: لا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه. ولكنكم تستعجلون".
وأَداة الجزم {لَمَّا} تدل على نفي الماضي مع ترقب وقوعه في المستقبل، وهذا ليوطِّن المؤمنون أنفسهم، على احتمال ما ينتظرون أن يقاسوه من أهوال.
ومعنى الجملة على هذا: بل أَظننتم أنكم - لمجرد إيمانكم - تدخلون الجنة، دون أن تتعرضوا للمشقة والابتلاءِ، كما تعرض المؤمنون الأتقياء من الأُمم السابقة؟
اسم الکتاب : التفسير الوسيط - مجمع البحوث المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 338