responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التفسير الوسيط - مجمع البحوث المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 111
الظاهر أن الأمر كان على لسان موسى، وهو كالأوامر السابقة واللاحقة. والقرية على المشهور: هي بيت المقدس أو أربحا، ولكنالم نجددليلا يؤيد هذا القول المشهو ر، والأمر للإباحة، بدليل عطف {فَكُلُوا مِنْهَا} عليه، فإن الأمر بالأكل للإباحة، وهو غير الأمر المذكور في قوله تعالى:
{يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ... } [1]، فإنه للإيجاب. بدليل عطف
النهي عليه في قوله: {وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}، فإن النهي فيه للتحريم وقد عوقبوا علي مخالفته بأن يتيهوا أربعين عاما، وأَمر الإباحة هنا مؤخر عن أمر التكليف في قوله: {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ}.
{فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا}: أي فكلوا منها في أي مكان شئتم أكلا واسعًا: لا يقتصر على سد الجوع، وهذه نعمة كبرى، أنعم الله بها عليهم، بعد خروجهم من التيه: حيث أمرهم أن يدخلوا قرية ذات زروع وثمار، وأباح لهم أن يأكلوا من طيباتها - حيث شاءُوا - كلا واسعًا هنيئًا، بعد أن كانوا حيارى في التيه: مقصورين فيه على لون واحد من الطعام. وقد أمرهم الله أَن يدخلوها من بابها فقال: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} متطامنين خاشعين: شكرًا لله تعالى على إخراجكم من التيه، والإنعام عليكم بالاسترزاق في هذ. القرية.
كما أَمرهم أن يسألوه تعالى: العفو عن ذنوبهم الماضية فقال لهم: {وَقُولُوا حِطَّةٌ} أي حِطةٌ منك با الله لخطايانا وغفرانٌ لذنوبنا. ووعدهم الله أن يستجيب دعاءهم واستغفارهم عن خطاياهم فقال: {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ}: نستر لكم سيئاتكم السابقة، فلا نعاقبكم طيها {وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}: ثوابًا على إحسانهم، فوق غفران خطاياهم، ولكن هؤُلاء المنكرين للنعم لم يستجيبوا {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا} بما أمروا به وهو قولهم: حطَّةٌ، المفيد لطلب حط ذنوبهم وغفر انها {قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} ليس فيه خضوع واستغفار لذنوبهم، إعراضا وعنادًا منهم لربهم {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}: أي فأنزلنا عليهم- لظلمهم- عذابًا من السماءَ، بسبب ما استمروا عليه من الفسق المتجدد، والخروج عن الطاعة آنا فآنا.
وظاهر قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} أنهم لم يشتركوا جميعًا في تبديل ماقيل لهم، بل الذين بدلوا هم الذين ظلموا.

[1] المائدة - من الآية: 21
اسم الکتاب : التفسير الوسيط - مجمع البحوث المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 111
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست