بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الرابع
(نماذج من الإسرائيليات في القصص القرآني (2))
تسلل الإسرائيليات إلى كتب التفسير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
أولًا: الإسرائيليات خطر عظيم اندس وسرى في كتب التفسير، فكان خطرًا على ثقافة المسلمين عامة وعلى كتب التفسير خاصة؛ لأن اليهود كانوا أكثر أهل الكتاب صلة بالمسلمين، وهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا، كما ذكر القرآن الكريم، وهؤلاء بحكم عداوتهم للإسلام لم تعوذهم الحيل؛ يعني: لم تنقصهم الوسائل، ولا الحيل، ولا الخداع الذي يصلون من خلاله إلى إفساد عقائد المسلمين، فدخلوا الساحة من أكثر من باب: من الكذب، ومن تحريف الكلم عن مواضعه، ومن الكتمان لما أنزل الله -سبحانه وتعالى- ناهيك عن فرقة منهم تعمدت أن تظهر الإسلام، اعتنقت طائفة منهم الإسلام، ليس حبًّا في الإسلام، ولكن رغبة في القضاء عليه، وتحريفه، وإظهاره أمام الناس بالأساطير والخرافات والأباطيل.
ونعلم جميعًا قصة عبد الله بن سبأ، هذا الرجل اليهودي الأصل، دخل الإسلام ليضل من أمكنه من المسلمين، كما قال الإمام ابن حزم في كتابه (الفصل في الملل والأهواء والنحل) قال: دخل ابن سبأ الإسلام ليضل المسلمين، فمال إلى طائفة رذلة كانوا يتشيعون لعلي، كانوا يقولون بإلهيته، على نهج ما قال أحد أتباع المسيح بولس لما قال لأتباعه أن يقولوا بإلهية عيسى -عليه السلام- مع أنه منزه عن ذلك. فالقرآن الكريم يبين أنه لا ألوهية إلا لله -جل وعلا- وأن الله سائل عيسى -عليه السلام-: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} (المائدة: 116) والآيات كثيرة ليس بصددها الرد على شبهات هؤلاء.