فيأتي إنسان ما ويؤول الآية لصالحه، ويجعل "فانصِب" أمر من النصب الذي هو عداوة علي وكراهيته؛ ولذا يقول الزمخشري: من البدع ما روي عن بعض الراوية أنه قرأ "فانصِب" بكسر الصاد أي: فانصب عليًّا للإمامة، ولو صح هذا لرافضي؛ لصح للناصبي الذي هو بغض علي وعداوته، وهذا كلام لا يقبل.
ومن أمثلة هذا النوع أيضًا، وهو استحداث قراءة لا سند لها ما أورده البعض في تفسير قوله: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} (الفلق 1، 2) فقد قرأ بعض المعتزلة "مِنْ شَرٍّ مَا خَلَقَ" بتنوين شرٍّ، وجعل ما نافية، ومعنى ذلك: أنهم يستعيذون برب الفلق من شرٍّ لم يخلقه هو، بل خلقه فاعله، وذلك وفقًا لمذهبهم الاعتزالي، وهذا ولا ريب تحريفٌ في كتاب الله العزيز.
قال ابن عطية فيما نقله عنه العلامة الألوسي عن هذه القراءة: هي قراءة عمر بن عبيد، وبعض المعتزلة القائلين: بأن الله تعالى لم يخلق الشر، وحملوا "ما" على النفي، وجعلوا الجملة في توضيح الصفة، أي: من شرٍّ ما خلقه الله تعالى ولا أوجده، وهي قراءة مردودة مبنية على مذهب باطل.
الدخيل عن طريق الفرق المبتدعة
والكلام عن الفرق المبتدعة يشمل أنواعًا كثيرة؛ فهو إما يشمل فرق الشيعة أو الخوارج أو المعتزلة.
فرقة الشيعة: يراد بهم أولئك الذين شايعوا عليًّا وذريته، وأهل بيته، وادعوا أن عليَّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- هو الأحق بالخلافة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مباشرة، وأن الخلافة لا تخرج عنه في حياته، ولا عن أبنائه بعد موته.