يدل عليه، على أن الاعتبار بقصته والانتفاع بها لا يتوقف على شيء من ذلك، وتلك سمة من سمات القصص القرآني، وخصيصة من خصائصه أنه لا يُعنى بالأشخاص والزمان والمكان مثلما يُعنى بانتزاع العبرة منها، والاستفادة منها، والدروس التي ينتفع بها البشر فيما سيقت لها.
قصة يأجوج ومأجوج
يتعلق أيضًا بقصة " ذي القرنين " ما يتصل بقصة "يأجوج ومأجوج"، وهي كذلك لم تسلم من إيراد الإسرائيليات، يقول شيخنا الشيخ أبو شهبة: ومن الإسرائيليات التي اتسمت بالغرابة، والخروج عن سنة الله في الفطرة وخلق بني آدم ما ذكره بعض المفسرين في تفسيرهم عند قوله: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} (الكهف: 94)، ففي معناها ذكروا عن يأجوج ومأجوج الش يء الكثير من العجائب والغرائب.
قال العلامة السيوطي في (الدر المنثور) الجزء الخامس، في تفسير هذه الآيات: أخرج ابن أبي حاتم وابن مردوي هـ وابن عدي وابن عساكر وابن النجار، عن حذيفة قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن يأجوج ومأجوج، فقال: "يأجوج ومأجوج أمة، كل أمة أربعمائة ألف أمة، لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف رجل من صُلبه، كل حمل السلاح، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم ثلاثة أصناف؛ صنف منهم أمثال الأرز، قلت: وما الأرز؟ قال شجر بالشام طول الشجرة عشرون ومائة ذراع في السماء، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ولا حديد، وصنف منهم يفترش إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى، لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه، ومن مات منهم أكلوه، مقدمتهم بالشام وساقتهم يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية".