responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم المؤلف : أبو السعود    الجزء : 1  صفحة : 217
الآخرة فقالت قريش وقد استحل محمَّدٌ الشهرَ الحرامَ شهراً يأمنُ فيه الخائفُ ويبذعِرُ فيه الناسُ إلى معايشهم فوقف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم العِيرَ وعظَّم ذلك على أصحاب السرية وقالوا ما نبرح حتى تنزِلَ توبتُنا ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم العِيرَ والأُسارى وعن ابن عباس رضي الله عنُهمَا لما نزلتْ أخذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الغنيمة والمعنى يسألك الكفارُ أو المسلمون عن القتال في الشهر الحرامِ على أن قوله عز وجل
{قِتَالٍ فِيهِ} بدلُ اشتمالٍ من الشهر وتنكيرُه لما أن سؤالهم كان عن مُطلق القتال الواقعِ في الشهر الحرام لا عن القتال المعهودِ ولذلك لم يقل يسألونك عن القتال في الشهر الحرام وقرئ عن قتال فيه بتكرير العامل كما في قوله تعالى للذين استضعفوا لمن آمن منهم وقرئ قتل
{قُلْ} في جوابهم
{قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} جملةٌ من مبتدإٍ وخبرٍ محلّها النصبُ بقل وإنما جاز وقوعُ قتالٌ مبتدأً مع كونه نكرةً لتخصُّصه إما بالوصف إنْ تعلق الظرفُ بمحذوفٍ وقعَ صفةً له أي قتالٌ كائن فيه وإما بالعمل إن تعلق به وإنما أوثر التكير احترازاً عن توهم التعيين وإيذاناً بأن المرادَ مطلقُ القتال الواقعِ فيه أيِّ قتالٍ كان عن عطاءٍ أنه سُئل عن القتال في الشهر الحرام فحلف بالله ما يحِلّ للناس أن يغزوا في الحَرَم ولا في الشهر الحرام إلا أن يقاتلوا فيه وما نُسخت وأكثرُ الأقاويل أنها منسوخةٌ بقوله تعالى فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ
{وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ الله} مبتدأ قد تخصَّصَ بالعمل فيما بعده أي ومَنْعٌ عن الإسلام الموصِلِ للعبد إلى الله تعالى
{وَكُفْرٌ بِهِ} عطفٌ على صدٌّ عاملٌ فيما بعده مثلَه أي وكفرٌ بالله تعالى وحيث كان الصدُ عَن سَبِيلِ الله فرداً من أفراد الكفرِ به تعالى لم يقدَحِ العطفُ المذكورُ في حسن عطفِ قوله تعالى
{والمسجد الحرام} على سبيل الله لأنه ليس بأجنبيَ محضٍ وقيل هو أيضاً معطوف على صدٌ بتقدير المضاف أي وصدُ المسجدِ الحرام
{وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ} وهو النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم والمؤمنون
{مِنْهُ} أي من المسجد الحرام وهو عطفٌ على وكفر به
{أَكْبَرُ عِندَ الله} خبرٌ للأشياء المعدودةِ أي كبائرُ السائلين أكبر عند الله مما عنوا بالسؤال وهو ما فعلته السريةُ خطأً وبناءً على الظن وأفعلُ يستوي فيه الواحدُ والجمعُ والمذكرُ والمؤنثُ
{والفتنة} أي ما ارتكبوه من الإخراج والشركِ وصدِّ الناسِ عن الإسلام ابتداءً وبقاءً
{أَكْبَرُ مِنَ القتل} أي أفظعُ من قتل الحَضْرميّ
{وَلاَ يَزَالُونَ يقاتلونكم} بيانٌ لاستحكام عداوتهم وإصرارِهم على الفتنة في الدين
{حتى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ} الحقِّ إلى دينهم الباطلِ وإضافةُ الدين إليهم لتذكير تأكُّدِ ما بينهما من العلاقة الموجبةِ لامتناع الافتراق
{إِنِ اسْتَطَاعُواْ} إشارةٌ إلى تصلُّبهم في الدين وثباتِ قدمِهم فيه كأنه قيل وأنى لهم ذلك
{وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ} تحذيرٌ من الارتداد أي ومن يفعلْ ذلك بإضلالهم وإغوائهم
{فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} بأن لم يرجِعْ إلى الإسلام وفيه ترغيبٌ في الرجوعِ إلى الإسلام بعد الارتداد
{فأولئك} إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيِّز الصلةِ من الارتداد والموتِ عليه وما فيه من معنى البُعد للإشعارِ ببُعد منزلتهم في الشر والفساد والجمعُ للنظر إلى المعنى أي أولئك المُصِرُّون على الارتداد إلى حينِ الموتِ
{حَبِطَتْ أعمالهم} الحسنةُ التي كانوا عمِلوها في حالة الإسلام حبوطا لاتلافى له قطعاً
{فِى الدنيا والاخرة} بحيثُ لم يبْقَ لها حكمٌ من الأحكام الدنيوية والأخروية
{وَأُوْلئِكَ} الموصوفون بما ذكر سابقاً ولاحقاً من القبائح
{أصحاب النار} أي مُلابِسوها ومُلازِموها
{هُمْ فيها خالدون} كدأب

اسم الکتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم المؤلف : أبو السعود    الجزء : 1  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست