responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم المؤلف : أبو السعود    الجزء : 1  صفحة : 191
{إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ الله من الكتاب} المشتمل على فنون الأحكامِ التي من جُملتها أحكامُ المحلَّلات والمحرَّمات حسبما ذكر آنفاً وقالَ ابنُ عباسٍ رضيَ الله عنهما نزلت في رؤساء اليهود حين كتموا نعت النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم
{وَيَشْتَرُونَ بِهِ} أي يأخذون بدلَه
{ثَمَناً قَلِيلاً} عِوَضاً حقيراً وقد مر سرُّ التعبير عن ذلك الثمن الذي هو وسيلة في عقود المعاوضة وقولُه تعالى
{أولئك} إشارةٌ إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة من الوصفَين الشنيعين المميَّزين لهم عمن عداهم أكملَ تمييز الجاعلَيْن إياهم بحيث كأنهم حُضّارٌ مشاهِدون على ماهم عليه وما فيه من معنى البُعد للإيذانِ بغايةِ بُعدِ منزلتِهم في الشر والفساد وهو مبتدأٌ خبرُه قولُه تعالى
{مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النار} والجملةُ خبرٌ لإن أو اسمُ الإشارة مبتدأٌ ثانٍ أو بدلٌ من الأول والخبر ما يأكلون الخ ومعنى أكلِهم النارَ أنهم يأكلون في الحال ما يستتبِعُ النار ويستلزمُها فكأنه عينُ النار وأكلُه أكلُها كقوله ... أكلتُ دماً إن لم أَرُعْكِ بضَرَّة ... بعيدةِ مهوى القُرط طيّبةِ النشْرِ ...
أو يأكلون في المآل يوم القيامة عينَ النار عقوبةً على أكلهم الرِّشا في الدنيا وفي بطونهم متعلقٌ بيأكلون وفائدتُه تأكيدُ الأكلِ وتقريرُه ببيان مقرِّ المأكول وقيل معناه ملءَ بطونهم كما في قولهم أكل في بطنه وأكل في بعض بطنه ومنه كُلوا في بعض بطنِكم تعفّوا فلا بد من الالتجاء إلى تعليقه بمحذوف وقعَ حالاً مقدّرة من النار مع تقديمه على حرف الاستثناء وإلا فتعليقُه بيأكلون يؤدّي إلى قصْر ما يأكلونه إلى الشبع على النار والمقصود قصرُ ما يأكلونه مطلقاً عليها

البقرة (174 - 173)

{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الميتة} أي أكلها والانتفاعَ بها وهي التي ماتت على غير ذَكاةٍ والسمكُ والجرادُ خارجان عنها بالعُرف أو استثناء الشرع وخرج الطحال من الدم
{والدم وَلَحْمَ الخنزير} إنما خُصّ لحمُه مع أن سائر أجزائه أيضاً في حكمه لأنه معظمُ ما يؤكل من الحيوان وسائرُ أجزائِه بمنزلة التابع له
{وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ الله} أي رافع به الصوتُ عند ذبحه للصنم والإهلالُ أصلُه رؤيةُ الهلالِ لكن لما جرت العادةُ برفع الصوتِ بالتكبير عندها سمِّي ذلك إهلالاً ثم قيل لرفع الصوت وإن كان لغيره
{فَمَنِ اضطر غير باغ} بالاستثناء على مضطر آخرَ
{وَلاَ عَادٍ} سدَّ الرمق والجَوْعة وقيل غير باغ على الوالي ولاعاد بقطع الطريق وعلى هذا لايباح للعاصي بالسفر وهو ظاهرُ مذهب الشافعي وقولُ أحمدَ رحمهما الله
{فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} في تناوله
{إِنَّ الله غَفُورٌ} لِمَا فعل
{رَّحِيمٌ} بالرخصة إن قيل كلمة إنما تفيد قصرَ الحكم على ما ذكروكم من حرام لم يُذكَرْ قلنا المرادُ قصرُ الحرمة على ما ذُكر مما استحلوه لا مطلقاً أو قصرُ حرمتِه على حالة الاختيارِ كأنه قيل إنما حُرِّم عليكم هذه الأشياءُ مالم تضطروا إليها

اسم الکتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم المؤلف : أبو السعود    الجزء : 1  صفحة : 191
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست