responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم المؤلف : أبو السعود    الجزء : 1  صفحة : 161
{رَبَّنَا واجعلنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} مخلِصين لك أو مستسلمين من أَسلم إذا استسلم وانقاد وأياما كان فالمطلوبُ الزيادةُ والثباتُ على ما كان عليه من الإخلاص والإذعان وقرئ مسلِمين على صيغة الجمع بإدخال هاجَرَ معهما في الدعاء أو لأن التثنية من مراتب الجمع
{وَمِن ذُرّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ} أب واجعل بعضَ ذريتنا وإنما خصاهم بالدعاء لأنهم أحقُّ بالشفقة ولأنهم إذا صلَحوا صلَح الأتباع وإنما خَصّا به بعضَهم لمّا علما أن منهم ظلمةً وأن الحكمة الإلهية لا تقتضي اتفاقَ لكل على الإخلاص والإقبالَ الكلي على الله عزَّ وجلَّ فإن ذلك مما يُخلُّ بأمر المعاش ولذلك قيل لولا الحمقى لخَرِبَتِ الدنيا وقيل أراد بالأمة المسلمة أمة محمدٍ صلَّى الله عليهِ وسلم وقد جوز أن يكون من مبينة قدّمت على المبين وفُصل بها بين العاطف والمعطوف كما في قوله تعالى {وَمِنَ الارض مِثْلَهُنَّ} والأصلُ وأمةً مسلمةً لك من ذريتنا
{وَأَرِنَا} من الرؤية بمعنى الإبصارِ أو بمعنى التعريفِ أي بصِّرنا أو عرِّفنا
{مَنَاسِكَنَا} أي متعبداتِنا في الحج أو مذابحَنا والنُسُك في الأصل غايةُ العبادة وشاعَ في الحج لما فيه من الكُلفة والبعد عن العادة وقرئ أرنا قياساً على فخذ في فخذ وفيه إحجاف لأن الكسرة منقولة من الهمزة الساقطةِ دليل عليهما وقرئ بالاختلاس
{وَتُبْ عَلَيْنَا} استتابة لذريتهما وحكايتُها عنهما لترغيب الكفرةِ في التوبة والإيمانِ أو توبةٌ لهما عما فرط منهما سهوا ولعلمهما قالاه هضماً لأنفسهما وإرشاداً لذريتهما
{إِنَّكَ أَنتَ التواب الرحيم} وهو تعليلٌ للدعاء ومزيدُ استدعاء للإجابة قيل إذا أراد العبدُ أن يُستجاب له فليدع الله عز وجل بما يناسبه من أسمائه وصفاتِه

{رَبَّنَا وابعث فِيهِمْ} أي في الأمة المسلمة

البقرة (129 - 128)
المعلومات التي من زمرتها نياتُنا في جميع أعمالِنا والجملة تعليلٌ لاستدعاء التقبّل لا من حيثُ أن كونه تعالى سمعيا لدعائهما عليماً بنياتهما مصححٌ للتقبل في الجملة بل من حيثُ إنَّ علمَه تعالى بصحة نياتهما وإخلاصِهما في أعمالهما مستدعٍ له بموجَب الوعدِ تفضُّلاً وتأكيدُ الجملة لغرض كمالِ قوةِ يقينِهما بمضمونها وقصرُ نعتي السمع والعلم عليه تعالى لإظهار اختصاصِ دعائهما به تعالى وانقطاعِ رجائهما عما سواه بالكلية واعلم أن الظاهر أن أولَ ما جرى من الأمور المحكية هو الابتلاءُ وما يتبعه ثم دعاءُ البلديةِ والأمنِ وما يتعلق به ثم رفعُ قواعدِ البيت وما يتلوه ثم جعلُه مثابةً للناس والأمرُ بتطهيره ولعل تغيير الترتيب الوقوعيِّ في الحكاية لنظم الشئون الصادرةِ عن جنابه تعالى في سلك مستقلٍ ونظمِ الأمور الواقعةِ من جهة إبراهيم وإسمعيل عليهما السلام من الأفعال والأقوال في سلك آخرَ وأما قولِهِ تَعَالَى وَمَن كَفَرَ الخ فإنما وقع في تضاعيف الأحوال المتعلقةِ بإبراهيم لاقتضاءِ المقام واستيجابِ ما سبق من الكلام ذلك بحيث لم يكن بد منه اصلاكما أن وقوعَ قوله عليه السلام ومن ذريتي في خلال كلامِه سبحانه لذلك

اسم الکتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم المؤلف : أبو السعود    الجزء : 1  صفحة : 161
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست