اسم الکتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم المؤلف : أبو السعود الجزء : 1 صفحة : 148
البقرة (113)
عتد مالكِه ومدبِّرِ أموره ومبلِّغِه إلى كماله والجملةُ جوابُ مَنْ إن كانت شرطيةً وخبرُها إن كانت موصولة والفاءُ لتضمنها معنى الشرط فيكون الردُّ بقوله تعالى بلى وحده ويجوزُ أنْ يكونَ مَنْ فاعلاً لفعل مقدرٍ أي بلى يدخلها من أسلم وقوله تعالى فَلَهُ أَجْرُهُ معطوفٌ على ذلك المقدر وأياً ما كان فتعلق ثبوتِ الأجرِ بما ذكر من الإسلام والإحسانِ المختصَّيْن بأهل الإيمان قاضٍ بأن أولئك المدّعين من دخول الجنة بمعزل ومن الاختصاص به بألف معزل
{وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} في الدارين من لُحوق مكروهٍ
{وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} من فواتِ مطلوب أي لايعتريهم ما يوجب ذلك لا أنه يعتريهم لكنهم لايخافون ولايحزنون والجمعُ في الضَّمائرِ الثَّلاثةِ باعتبارِ معنى مَنْ كما أن الإفرادَ في الضمائرِ الأُوَلِ باعتبار اللفظ
{وَقَالَتِ اليهود لَيْسَتِ النصارى على شَىْء} بيانٌ لتضليل كلِّ فريقٍ صاحَبه بخصوصه إثرَ بيانِ تضليله كلَّ من عداه على وجه العموم نزلت لما قدِم وفدُ نجرانَ على رسُولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم وأتاهم أحبارُ اليهود فتناظروا فارتفعت أصواتُهم فقالوا لهم لستم على شئ أي أمرٍ يُعتدُّ به من الدين أو على شئ ما منه أصلاً مبالغةً في ذلك كما قالوا أقل من لاشئ وكفروا بعيسى والإنجيل
{وَقَالَتِ النصارى لَيْسَتِ اليهود على شَىْء} على الوجه المذكورِ وكفروا بموسى والتوراةِ لا أنهم قالوا ذلك بناءً للإمر على منسوخية التوراة
{وهم يتلون الكتاب} الواو للحال واللامُ للجنس أي قالوا ما قالوا والحال أن كلَّ فريقٍ منهم من أهل العلم والكتاب أي كان حقُّ كلَ منهم أن يعترف بحقية دينِ صاحبه حسبما ينطِقُ به كتابُه فإن كتبَ الله تعالى متصادقة
{كذلك} أي مثلَ ذلك الذي سمعت به والكافُ في محل النصب إما على أنها نعتٌ لمصدر محذوف قُدّم على عامله لإفادة القصر أي قولاً مثلَ ذلك القول بعينه لاقولا مغايراً له
{قَالَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ} من عبَدَة الأصنام والمعطِّلة ونحوِهم من الجهَلة أي قالوا لأهل كل دين ليسوا على شئ وإما على أنَّها حالٌ من المصدر المضمر المعرف الدال عليه قال أي قال القول الذين لايعلمون حال كونه مثلَ ذلك القولِ الذي سمعْتَ به
{مِّثْلَ قَوْلِهِمْ} إما بدلٌ من محل الكاف وإما مفعولٌ للفعل المنفيِّ قبله أي مثلَ ذلك القول قال الجاهلون بمثل مقالةِ اليهودِ والنصارى وهذا توبيخٌ عظيم لهم حيث نظَموا أنفسهم مع علمهم في سلك مَنْ لا يعلم أصلاً
{فالله يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} أي بين اليهود والنصارى فإن مساقَ النظمِ لبيان حالِهم وإنما التعرُّضُ لمقالة غيرِهم لإظهار كمالِ بطلانِ مقالهم ولأن المُحاجَّةَ المُحوِجَةَ إلى الحكم إنما وقعت بينهم
{يَوْمُ القيامة} متعلقٌ بيحكم وكذا ماقبله وما بعده ولاضير فيه لاختلاف المعنى
{فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} بما يقسم لكل فريق مايليق به من العقاب وقيل حكمُه بينهم أن يكذِّبَهم وبدخلهم النارَ والظرفُ الأخير متعلقٌ بيختلفون قُدِّم عليه للمحافظة على رءوس الآى لا بكانوا
اسم الکتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم المؤلف : أبو السعود الجزء : 1 صفحة : 148