responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير المؤلف : ابن باديس، عبد الحميد    الجزء : 1  صفحة : 90
معالجة هذه الرذيلة بإبطال سببها وعظيم قبحها وسوء عاقبتها:
أبطل تعالى خوفهم من الفقر بقوله: {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ}؛ فأخبر أن رزق الجميع عليه، وأنه متكفل برزق خلقه بما يسر لهم من أسباب جلية أو خفية، لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، والكبير والصغير.
كما أنه تعالى هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، كما في الآية السابقة، فهما مرتبطان بهذه المناسبة.
ومن ضلالهم: أنهم نظروا إلى قوة الكبير فحسبوه مرزوقاً من نفسه، فهداهم بقوله: {وَإِيَّاكُمْ} إلى أن الكبار مرزوقون من الله بتقديره وتيسيره.
ولما كان لا فرق بين الكبير والصغير في الحاجة إلى لطف الله، وضمان الرزق من الله، فلا وجه لخوف الفقر من وجود الأولاد وكثرتهم، لأنه ما من واحد منهم إلاّ ورزقه مضمون من خالقه جل جلاله.
وبين تعالى فظاعة هذا القتل بقوله: {أَوْلَادَكُمْ}، بإضافة الأولاد إليهم، فإن الأولاد أفلاذ الأكباد، وقطعة من لحم المرء ودمه، ونسخة من ذاته، فمحبتهم فطرة، والعطف التام عليهم خلقة، فكيف يكون قبح وفظاعة فعل من بلغ بهم القتل!
وأي خير يُرجى من قاتل ولده لغيره من الناس، بعد ما جنى أفظع الجنايات على ألصق الناس به؟؟!
وبين تعالى سوء العاقبة لهذا القتل بقوله: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}؛ أي إثماً كبيراً لما فيه من قتل النفس، وقطع النسل، وهلاك الجنس، وخراب العمران، وسوء الظن بالله، وعدم خشيته، وعدم الشفقة على خلقه.
يقال خطىء يخطأ خطئاً [1] إذا قصد الفعل القبيح ففعله. وأخطأ يُخطىء خطئاً [2] إذا قصد شيئاً فأصاب غيره.
ومن مثل وعيد الآية ما ثبت في الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه: «أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سئل: أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك. قال: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك» [3].

[1] أي بكسر الخاء وسكون الطاء.
[2] أي بفتح الخاء والطاء.
[3] أخرجه البخاري في تفسير سورة2 باب3 وسورة25باب2، والأدب باب20، والحدود باب20، والديات باب1، والتوحيد باب40و46. ومسلم في الإيمان حديث141و142. وأبو داود في الطلاق باب50. والترمذي في تفسير سورة25 باب1و2. والنسائي في الأيمان باب6، والتحريم باب4. وأحمد في المسند (1/ 380، 431، 434، 462، 464).
اسم الکتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير المؤلف : ابن باديس، عبد الحميد    الجزء : 1  صفحة : 90
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست