responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير المؤلف : ابن باديس، عبد الحميد    الجزء : 1  صفحة : 323
كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [النساء: 94]. وقوله تعالى- وقد أمر بالعفو والصفح- {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22].

تفريق بالتمثيل:
يقول تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الإسراء: 34]. هذه حكمة. ويقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10]. هذه موعظة.
ويقول تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 9]. هذه أيضاً موعظة. {وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ} [النحل: 94]. هذه حكمة، {فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 94]، هذه موعظة.
{وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} [الحج: 30]. هذه حكمة. {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31]. هذه موعظة؟
وهكذا تمتزج المواعظ الحسنة بالحكم البالغة في آيات القرآن العظيم، فتتبعها في جميع سوره تجدها، وتدبرها تقع منها على علوم جمة، وأسرار غزيرة.

حسن الموعظة:
الموعظة التي تحصل المقصود منها: من ترقيق للقلوب، للحمل على الامتثال لما فيه خير الدنيا والآخرة هي الموعظة الحسنة.
وإنما يحصل المقصود منها إذا حسن لفظها؛ بوضوح دلالته على معناها، وحسن معناها بعظيم وقعه في النفوس، فعذبت في الأسماع، واستقرت في القلوب، وبلغت مبلغها من دواخل النفس البشرية، فأثارت الرغبة والرهبة، وبعثت الرجاء والخوف، بلا تقنيط من رحمة الله، ولا تأمين من مكره، وانبعثت عن إيمان ويقين، ونادت بحماس وتأثر، فتلقتها النفس من النفس، وتلقفها القلب من القلب، إلاّ نفساً أحاطت بها الظلمة، وقلباً عَمَى عليه الران [1].
عافى الله قلوب المؤمنين.

تطبيق واستدلال:
كل هذا تجده في مواعظ القرآن، وفيما صح من مواعظ النبي، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. وكان- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كما جاء في الصحيح: «إذا خطب، وذكر الساعة اشتد غضبه

[1] الران: الغطاء والحجاب الكثيف؛ والصدأ يعلو الشيء الجلي كالسيف والمرآة ونحوهما؛ والدنس؛ وما غطّى على القلب وركبه من القسوة للذنب بعد الذنب (المعجم الوسيط: [ص:386]).
اسم الکتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير المؤلف : ابن باديس، عبد الحميد    الجزء : 1  صفحة : 323
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست