responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير المؤلف : ابن باديس، عبد الحميد    الجزء : 1  صفحة : 196
بيان وردّ:
اشتملت الآية على بيان الأدب في معاملة الجاهلين من أفراد الناس، سواء أكانوا مسلمين أم غيرهم.
وما اشتملت عليه من الأدب قد جاء في آيات كثير: مثل: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199].
وقوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 55].
فهو أدب مشروع مؤكد وحكم دائم محكم، وهو في معاملات الأفراد كما ترى.
فلا ينافي ما شرع من الحرب عند وجود أسبابها، وتوفر شروطها بين الأمم والجماعات. وهي من الأمور العامة كما ترى.
فبطل قول من زعم أن هذه الآية بالنسبة لغير المسلم منسوخة بآية السيف، لأن هذه الآية ثابت حكمها في حال وآية السيف ثابت حكمها في حال أخرى، فلا تنسخ إحداهما الأخرى. وما أكثر ما قتلت أحكام بآية السيف هذه! وهي عند التحقيق غير معارضة لها؛ لمباينة حالها لحالها.

تمثيل واستدلال:
جاء في الصحيح من طرق مجموع ألفاظها:
أَنَّ رَهْطًا مِنْ الْيَهُودِ دَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ (والسام الموت) ففهمتها عائشة- رضي الله عنها- فقالت: وَعَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْكُمْ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:- مَهْلاً يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا. فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؛ فَقَالَ لَهَا: أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ؛ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ: قد قلت: «وَعَلَيْكُمْ» فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ (لأنه دعاء بحق) وَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ [1] (لأنه دعاء بباطل وظلم).
فقد خاطبه هؤلاء الجاهلون بالسوء فقال لهم كلمة سالمة من القبح، ليس فيها لفظ الإذاية، وهو السام، بعيدة عن الإفحاش، خالصة للرفق، فهي من العقول السلام: أي ذي السلام من مقتضى الآية على الوجه الأول من وجهيها.

[1] روي في الصحاح من طرق عديدة؛ فرواه البخاري في الأدب باب 35 و38، والجهاد باب 98، والاستئذان باب 22، والدعوات باب 59 و63. ومسلم في السلام حديث 10 و11 و13. والترمذي في السير باب 40، والاستئذان باب 7. وأحمد في المسند (2/ 114، 170، 221، 3/ 140، 144، 210، 214، 218، 234، 241، 262، 289، 283، 37/ 6، 116، 134، 135، 199، 229).
اسم الکتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير المؤلف : ابن باديس، عبد الحميد    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست