اسم الکتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير المؤلف : ابن باديس، عبد الحميد الجزء : 1 صفحة : 140
فالآية حث وترغيب على قيام الليل للعموم، ووعد له- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بالمقام المحمود.
المسألة الثالثة: المقام المحمود والشفاعة ما هو المقام المحمود؟
هو مقامه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، للشفاعة العظمى، يشفع للخلائق [1] وقد جهدوا من كرب الموقف. فجاءوا إلى كبراء الرسل- عليهم الصلاة والسلام- يسألونهم أن يشفعوا لهم إلى ربهم، ليفصل القضاء، ويريحهم من كرب الموقف، فيتدافع الشفاعة أولئك الرسل- عليهم الصلاة والسلام- ويتنصلون منها بأعذار رهيبة للرب جل جلاله، حتى ينتهوا إليه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فيتقدم فيشفع، ويسأل فيعطى. جاء هذا كله مفصلًا في الأحاديث الصحيحة المستفيضة [2]. فيحمده الخلق كلهم لما يرون من فضله عند ربه، ولما وصل إليهم من الخير المطلوب بسببه.
ثم له- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بعد هذه الشفاعة العظمى شفاعات أخرى بينتها صحاح الأحاديث.
ولعموم فضل هذه الشفاعة العظمى لأهل الموقف كلهم قال- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كمافي صحيح مسلم:
«أنا سيد الناس يوم القيامة» [3]. والسيد من يتولى أمر السواد، فظهر عموم سيادته بعموم نفعه.
وقد فسر المقام المحمود بمقام الشفاعة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رواه عنه البخاري في صحيحه [4]، وفسره بها غيره [5]. [1] ثبت في حديث الشفاعة الطويل من أكثر من طريق، وفيه: « ... ارفع رأسك وقل يُسمعْ واشفعْ تشفع» أن الشفاعة ثابتة له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. وقد أخرج هذا الحديث البخاري في التوحيد باب19 و24 و36، والرقاق باب51، وأحاديث الأنبياء باب3، وتفسير سورة2 باب1، وسورة17 باب5. ومسلم في الإيمان حديث322 و327. والترمذي في تفسير سورة17 باب19، والقيامة باب15. وابن ماجة في الزهد باب37. والدارمي في المقدمة باب8. وأحمد في المسند (1/ 5، 282، 296، 436/ 2، 3/ 116، 144، 178، 244، 248). [2] راجع الحاشية السابقة. [3] صحيح مسلم (كتاب الإيمان حديث327 و328، وكتاب الفضائل حديث 3) من حديث أبي هريرة. وأخرجه أيضاً البخاري في تفسير سورة الإسراء باب5، والترمذي في صفة القيامة باب10. [4] كتاب تفسير القرآن، تفسير سورة الإسراء، باب11، حديث رقم4718؛ عن ابن عمر قال: «إن الناس يصيرون يوم القيامة جُثًا كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان اشفعْ، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود». [5] منهم أبو هريرة كما في مسند أحمد (2/ 44).
اسم الکتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير المؤلف : ابن باديس، عبد الحميد الجزء : 1 صفحة : 140