اسم الکتاب : تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل المؤلف : ابن جزي الكلبي الجزء : 1 صفحة : 473
يحتاج إلى صحة نقل كَنْزٌ لَهُما قيل مال عظيم، وقيل: كان علما في صحف مدفونة، والأول أظهر وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً قيل: إنه الأب السابع، وظاهر اللفظ أنه الأقرب فَأَرادَ رَبُّكَ أسند الإرادة هنا إلى الله لأنها في أمر مغيب مستأنف لا يعلم ما يكون منه إلا الله، وأسند الخضر إلى نفسه في قوله فأردت أن أعيبها لأنها لفظة عيب، فتأدب بأن لا يسندها إلى الله وذلك كقول إبراهيم عليه السلام وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء: 80] فأسند المرض إلى نفسه والشفاء إلى الله تأدبا، واختلف في قوله: فأردنا أن يبدلهما هل هو مسند إلى ضمير الخضر أو إلى الله، وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي هذا دليل على نبوّة الخضر، لأن المعنى أنه فعل بأمر الله أو بوحي.
وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ السائلون اليهود، أو قريش بإشارة اليهود، وذو القرنين هو الإسكندر الملك، وهو يوناني وقيل رومي [1] وكان رجلا صالحا، وقيل كان نبيا، وقيل كان ملكا بفتح اللام والصحيح أنه ملك بكسر اللام واختلف لم سمي ذو القرنين فقيل: كان له ضفيرتان من شعرهما قرناه، فسمى بذلك وقيل: لأنه بلغ المشرق والمغرب وكأنه حاز قرني الدنيا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ التمكين له أنه ملك الدنيا ودانت له الملوك كلهم آتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً أي علما وفهما، يتوصل به إلى معرفة الأشياء والسبب ما يتوصل به إلى المقصود من علم أو قدرة أو غير ذلك فَأَتْبَعَ سَبَباً أي طريقا يوصله وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ قرئ بالهمز على وزن فعلة أي ذات حمأة وقرئ بالياء [2] على وزن فاعلة وقد اختلف في ذلك معاوية وابن عباس فقال ابن عباس: حمئة وقال معاوية حامية فبعثا إلى كعب الأحبار ليخبرهما بالأمر فقال: أما العربية فأنتما أعلما بها مني، ولكني أجد في التوراة أنها تغرب في ماء وطين، فوافق ذلك قراءة ابن عباس ومعنى حامية حارة، ويحتمل أن يكون بمعنى حمية ولكن سهلت همزته ويتفق معنى القراءتين. وقد قيل: يمكن أن يكون فيها حمئة ويكون حارة لحرارة الشمس فتكون جامعة للموضعين، ويجتمع معنى القراءتين قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ استدل بهذا من قال إن ذا القرنين نبيّ لأن هذا القول وحي ويحتمل أن يكون بإلهام فلا يكون فيه دليل على نبوته إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً كانوا كفارا فخيره الله بين أن يعذبهم بالقتل، أو يدعوهم إلى الإسلام، فيحسن إليهم وقيل: الحسن هنا هو الأسر، وجعله حسنا بالنظر إلى القتل
قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ اختار أن يدعوهم إلى الإسلام، فمن تمادى على الكفر قتله ومن أسلم [1] لا يصح فاسكندر المقدوني كان وثنيا وأما المذكور في القرآن فكان مؤمنا. والله أعلم. [2] قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر: حامية وقرأ الباقون: حمئة. [.....]
اسم الکتاب : تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل المؤلف : ابن جزي الكلبي الجزء : 1 صفحة : 473