اسم الکتاب : تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة المؤلف : ابن عرفة الجزء : 1 صفحة : 401
ابن عرفة: لما تضمن الكلام السابق أن أموالهم وأولادهم لَا تغني عنهم شيئا عقبه ببيان عاقبة ما ينفقون من أموالهم، وهذا إما إبطال لها من أصلها واو إبطال بشرتها؛ لأن المال في الدنيا تارة يكون البخس فيه بعدم حركته، وترك التجزئة وتارة يكون البخس فيه من حوالة الأسواق فيه بالخسارة، وهو ظاهر في التشبيه هنا، وهل هو تشبيه مفرد بمفرد، كقوله تعالى: (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ) ففيه حذف شيء واحد إما من الأول، أو من الثاني، أو من حذف التقابل وشبه فيه إنفاقهم وإحباطهم في الآخرة بالزرع الأخضر، وإهلاكه بالريح، ونقل ابن عطية: أن المراد ظلموا أنفسهم بالحرث في غير وقت الزراعة، ولا يبعد أن هؤلاء أنفقوا مالهم في غير محل الإنفاق؛ لأن شرطه وقوع الإيمان منهم، والفرض أنهم كفار، ولكن أنفسهم يظلمون.
ابن عرفة: تقدمنا الجواب بأنه روعي فيه مقتضى اللفظ، لقوله تعالى: (يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) فعبر عنها بلفظ الحضور وهو اسم الإشارة فناسب إسقاط كان المقتضية للمعنى والانقطاع، وآية النحل ليس فيها ما يدل على الحضور بوجه، وأجاب الأستاذ أبو جعفر الزبير: بأن آية النحل في قوم مضوا؛ لأن قبلها (كذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبلِهِم)، وأما هذه فهي للمعاصرين للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فناسب إسقاط كان، وتقديم المعمول عنها لرءوس الآي وليس هو للحصر؛ لأنهم ظلموا أنفسهم وغيرهم.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا (118)}
قال ابن عطية: اختلفوا، فقيل: نزلت في قوم مؤمنين كان لهم خلقا في الجاهلية وبقوا على عهدهم معهم في الإسلام، وقيل: نزل في حالة المؤمنين مع المنافقين.
قال ابن عرفة: فإن قلنا: إن المؤمنين كانوا يعلمون أعيان المنافقين فظاهر، وإن كانوا غير معلومين لهم لزم تكليف ما لَا يطاق، فالقول الأول أصوب.
قوله تعالى: (مِنْ دُونِكُمْ).
أي من غيركم، ابن عطية: ومنه قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم "ما من خليفة إلا وله بطانتان، بطانة تأمره بالخير، وبطانة تأمره بالشر والمعصوم من عصمه الله" فقال ابن عرفة: يحتمل أن يكون كلية، وإن كل خليفة له بطانتان، ويحتمل أن
اسم الکتاب : تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة المؤلف : ابن عرفة الجزء : 1 صفحة : 401