اسم الکتاب : تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة المؤلف : ابن عرفة الجزء : 1 صفحة : 390
هذا شبه ما قالوا في استثناء عين المقدم، فقال: إن تطيعوا أهل الكتاب تكفرون، لأن كفركم حال وجود الآيات معكم والرسل محال فطاعتكم أهل الكتاب، وهذا إن قلنا: إن استلزام الدليل للمدلول، أو المتقدمين للتنحية عقلي فظاهر، وإن قلنا أنه عندي فكذلك أيضا يقول: كفرهم حالة سماعهم الآيات ومشاهدتهم لها محال، قال ابن الخطيب: وهذا تعجب منهم.
ابن عرفة: إنما هو استبعاد لأن التعجب إنما يكون من أمر واقع خفي سببه، هذا لم يقع بوجه، فإنما هو استبعاد.
قوله تعالى: (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ).
العصمة في اللغة مطلق الامتناع، وفي الاصطلاح عند الأصوليين امتناع خاص، فكان الشيوخ مختلفون في جواز الدعاء بالعصمة، فمن حملها على المعنى اللغوي، أجازا الدعاء بها، ومن نظر للاصطلاح منع ذلك وخصصها بالأنبياء.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ... (102)}
قال ابن عطية: نزلت في قصة الأوس والخزرج.
وقال ابن عرفة: إنما هو لنفي وقوع ما يتوهم مما تضمنت القضية الشرطية المتقدمة فرض وقوعه، وهي أن تطيعوا فتضمنت هذا الأمر بلزوم تقوى الله تعالى، واستدامتها حتى لَا يقع منهم طاعة للكفار بوجه، وفسرها ابن عطية بثلاثة أوجه: إما أن المراد اتقوه التقوى اللائقة به كقولك للأمير الواحد: أطعني على قدرتك، فيلزم عليه تكليف ما لَا يطاق فتكون الآية منسوخة، أو المراد عموم التقوى بالإطلاق فتكون مخصوصة بقوله تعالى: (فَاتقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) أو المراد التقوى المستطاعة فتكون مساوية لتلك الآية سواء زاد ابن عرفة: وجها رابعا وهو أن المراد اتقوا الله واجب تقاته، أي اتقوه فيما أوجب عليكم فيتناول الأمور الواجبة، ويخرج عنه الندب، فتكون هذه الآية أخف من قوله: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم). وعلى ما قال ابن عطية: إما أشد منها، أو مساوية.