اسم الکتاب : تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة المؤلف : ابن عرفة الجزء : 1 صفحة : 384
قوله تعالى: {فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ... (94)}
ابن عرفة: الظاهر أن هذه الجملة مرتبطة بما قبلها لدخول الفاء فيها، قال: وفي الآية تخفيف وإشهار لسيفه -رحمه الله تعالى- بوجهين:
أحدهما: (مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ) فيها إشارة إلى العفو فمن تاب من هؤلاء اليهود بخبر
هذا الإقرار، ورجع عن مقالته بتحريم ما حرموه، وإنما ينال هذا الوعيد من دام على
ذلك من بعد هذا البيان المقتضي لتحليل كل الطعام.
الثاني: تعريف الكذب، ولم يقل كذبا فهو الوعيد خاصا بمن افترى كذبا خاصا، وهو الكذب على الله في أن ينسب إليه تحريم ما حرمه، أي فمن افترى على الله بعد هذا البيان، ذلك الكذب المتقدم منهم قبل هذا البيان.
قوله تعالى: {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ ... (95)}
ابن عرفة: الظاهر أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولكل مؤمن؛ لأن هذه أمور واضحة ظاهرة لكل مؤمن، وقوله: (صَدَقَ اللَّهُ) على حذف مضاف، أي صدق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ) لأنهم ما ادعوا قط نسبة الكذب إلى الله.
قيل لابن عرفة: وكيف يخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالصدق عن نفسه؟ فقال: هذا شبيه من يدعي دعوى ثم يدعي عليها بمقدمتين، ثم يقول فقولوا كذا وكذا أحق؛ لأن الخصم إذا سلم له المقدمتين فقد وافقه على صحة النتيجة.
قوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ... (96)}
الأول قيل: هو الذي لم يسبقه بشيء، وقيل: هو السابق غيره، قال الفخر: فلو قال [أَوَّلُ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ من هذين حر، فاشتراهما معا*]، وقال في المدونة في كتاب العتق إذا قال لأمته أول ولد تلديه حر فولدت توأمين، أنه يعتق الأول منهما، فإِن قال أول ولد تضعيه فوضعت توأمين أنهما يعتقان.
قوله تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ... (97)}
ابن عرفة: أي علامات على ما بين من كونه (مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) والظاهر أن المقام إبراهيم ما منح الله تعالى البيت من أن إبراهيم دعا فيه فأستجيب، ونفى
اسم الکتاب : تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة المؤلف : ابن عرفة الجزء : 1 صفحة : 384