اسم الکتاب : تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة المؤلف : ابن عرفة الجزء : 1 صفحة : 364
إن قلت: لم أتى أعذبهم بهمزة المتكلم ونوفيهم بنون العظمة، فأجيب بوجهين: إما الإشارة إلى عظم إلى ما يقال في المؤمنين من الأجر والثواب، فناسب بنون العظمة، لأن العظيم لَا يثبت على فعل الجميل إلا بعظيم، وإما لأن المؤمنين عظموا الله حق تعظيمه وامتثلوا أمره ونواهيه، فخاطبهم بنون العظمة الدالة على تعظيم ما عظموه بخلاف الفريق الآخر.
قال ابن عرفة: وهذا عندي تقسيم مستوفى؛ لأن النَّاس على ثلاثة أقسام: كافر، ومؤمن طائع، ومؤمن عاص.
فقوله تعالى: (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).
عبارة عن المؤمن العاصي، قال الفخر: واحتج بها المعتزلة أن لَا يحب الشر، ولا يريده، فرده ابن عرفة بوجهين:
الأول: أنه ليس المعنى والله لَا يريد الظالمين فهو ذم لهم، مثل: لَا حبذا زيد، وما يلزم من ذمهم على الظلم إن الله لم يرد ذلك منهم.
والوجه الثاني: أن المستدل بها لابد أن يضمر فيها مضافا تقديره: والله لَا يحب ظلم الظالمين، وليس هذا بأولى من أن يقول التقدير: والله لَا يحب ثواب الظالمين.
قوله تعالى: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ ... (58)}
يتعارض فيها المجاز والإضمار؛ لأن الإشارة إلى الآيات المتقدمات، وقد كانت تليت عليه حين نزول هذه الآية، فإما أن يكون نتلوه مضارعا عبر عنه في الماضي فهو مجاز أو يكون مستقبلا حقيقة، والمعنى مثل ذلك نقلها عليك فيكون فيه إضمار.
قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ (59)} .. الزمخشري: إن شأن عيسى وحاله كشأن آدم خلقه وخالقه، ابن عطية: وقال إن صفة عيسى كصفة آدم، واختاره، ابن عطية: إن المراد أن المتصور من عيسى في الذهن كالمتصور من آدم، وابن عرفة: فجعله بمنزلة الجمعة للمقدمتين أي: إن مثل عيسى في نفس الأمر الحق اليقين الذي يخالفون فيه كمثل آدم، ابن عطية: والمثل والمقال واحد.
ابن عرفة: وتقدم الإشكال في قوله: (لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ) فمنهم من قال: الكاف زائدة لئلا يلزم عليه إثبات المثل لله عز وجل، وتقدم الجواب، بأن ثبوته يؤدي إلى نفسه؛ لأنه إذا تقرر أنه ليس مثله مثل ينتفي المماثل؛ لأن مثل المثل، إما الذات
اسم الکتاب : تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة المؤلف : ابن عرفة الجزء : 1 صفحة : 364