اسم الکتاب : تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة المؤلف : ابن عرفة الجزء : 1 صفحة : 324
الأجر لهم (مع الفاء ومع عدمها).
قلت: وعادتهم يجيبون بأن الخبر إذا كان ثابتا وعطف عليه ما يتوهم نفيه وعدم ثبوته فلا بد من الفاء ولا شك أن حزنهم مما يتوهم نفيه فأتي بالفاء الدالة على كمال الارتباط وأنّ ذلك سبب في نفي الحزن والخوف عنهم.
قال: ولفظ الرب هنا دال على أن هذا الثواب محض، تفضّل من الله تعالى كما يقول أهل السّنة خلافا للمعتزلة.
وعادتهم يوردون سؤالا وهو: لأى شيء نفى الحزن عنهم بالفعل والخوف بالاسم مع أن المناسب العكس لأن متعلق الحزن ماض والخوف مستقبل؟
قال: وعادتهم يجيبون بأن النكرة في سياق النّفي تفيد العموم بإجماع، والفعل في سياق النفي مختلف فيه، هل يفيد العموم أم لا؟ والماضي محصور لأنه مشاهد مرئي فمتعلقه غير متعدد، والمستقبل متعلقاته متعددة لأنه غير محصور، فالخوف منه يعظم لكثرة الخواطر التي تخطر (ببال الإنسان)، (فقد) يخاف من كذا ويخاف من كذا ويخاف من شيء هو في نفس الأمر آمن فيه. فلذلك نفي الخوف بلفظ الاسم الدال على العموم بإجماع ونفي الحزن بالفعل المحتمل للعموم وعدمه.
قلت: ورد هذا بمعنى الإجماع لأن النكرة عند النحويين لا تعمّ إلا اذا كانت مبنية مع (لا) مثل: لا رجل في الدار، بالفتح بلا تنوين.
ويجاب بأنها أعمّ من الفعل بلا شك.
قوله تعالى: {الذين يَأْكُلُونَ الربا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الذي يَتَخَبَّطُهُ الشيطان مِنَ المس ... }.
قال ابن عرفة: يحتمل أن يكون التشبيه بمن يتخبطه «الشيطان من المس (حال) تخبطه. ويحتمل أن يكون التّشبيه بالمتخبط إثر تخبطه)) والظاهر العموم، لأن الآكلين من الربا متفاوتون في الأكل، فالمكثر منهم شبيه به حال التخبط والمقلل شبيه به أثر التخبط.
قال ابن عرفة: وجه مناسبتها لما قبلها أنها تقدمها إنفاق الصدقة، والصدقة (من) غير عوض (والرّبا في ظاهر الأمر زيادة من غير عوض) لأنه يدفع قليلا في كثير. وقدّر الفخر المناسبة بأن الصدقة (نقص من المال) والرّبا زيادة فيه، فالنفوس تحبه وتكره الصدقة فجاءت الآية ردّا عليهم وإشعارا بأن ذلك النقص زيادة وتلك الزيادة نقص.
قال الزمخشري:» مِنَ المَسّ «متعلّق ب» يقومون «(أو يقوم، فرد عليه أبو حيان تعلقه ب» يقومون «) لأن قيامهم في الآخرة وليس فيه جنون ولا مس.
قال ابن عرفة: وفيه عندي نظر من وجه آخر وهو (أنّك تقول):
ما أكل زيد إلا كالشيطان يأكل بشماله. أو تقول: ما أكل زيد بشماله إلاّ كالشيطان (يأكل بشماله). فهذه الحالة أخف لأنه
في الأولى ذمّ لآكله مطلقا، وفي
اسم الکتاب : تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة المؤلف : ابن عرفة الجزء : 1 صفحة : 324