اسم الکتاب : تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة المؤلف : ابن عرفة الجزء : 1 صفحة : 224
قال ابن عطية: وقال مجاهد (والضحاك): اليسر الفطر في السفر والعسر الصوم في السفر.
قيل لابن عرفة: يلزم أن يكون الصوم في السفر غير مأمور به.
فقال: هذا مذهب المعتزلة، لأنهم يجعلون الأمر نفس الإرادة وإنّما معنى الآية: يريد الله بكم إباحة الفطور ولا يريد بكم وجوب الصوم. لأن الوجوب والإباحة قسمان من أقسام الحكم الشرعي.
قلت: وتقدم في الختمة الأخرى لابن عرفة أنه لا يمكن أن تحمل الإرادة هنا على حقيقتها لأنّ المريض (الذي) بلغ الغاية في المرض والمحبوس المعسر بالنفقة، قد أريد بهم العسر فترجع الإرادة إلى باب التكليف وقد قال {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي الدين مِنْ حَرَجٍ} قوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُواْ العدة وَلِتُكَبِّرُواْ الله على مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
منهم من قال: إنه أمر.
قيل لابن عرفة: قول الله جل جلاله {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} يغني عنه لأنه يفيد أنه (يقضي) أياما على عدد ما فاته؟
فقال: أفاد هذا الأمر بإكمالها وهو الإتيان بها على وجهها موفاة كما قالوا: إنّ (الصائم) يأخذ جزءا من أول الليّل في أول النّهار وجزْءا من آخره يتحرّاه لأنه مما لا يتوصل إلى الواجب إلا به.
قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ... }.
قال ابن عطية: قال عطاء لما نزلت {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ} قال قوم: في أي ساعة ندعو؟ فنزلت.
(وروى أنّ أعرابيّا قال: يارسول الله أقريب ربّنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فنزلت).
قال ابن عرفة: هذا يوهم اعتقاد التجسيم والجهة وهو صعب. وقد كان بعض الناس يستشكله فكنت (أقرّبه) له بالمثال، فنقول له: لو فرضنا رجلا لم يشاهد قطّ في عمره إلا الحيوان الماشي على الأرض فإنه إذا سئل عن حيوان يطير لا هو في السماء ولا هو في الأرض بل بينهما بالفضاء فإنه يظن ذلك محالا، وكذلك النملة لو كان لها عقل وسئلت عن ذلك لأحالته.
وظاهر ما ذكروا في سبب نزول هذه الآية أن لفظ «عِبَادِي» عام ولكن آخر الآية يدل على أنه خاص بالمؤمنين.
وقوله «فَإِنِّي قَرِيبٌ» قال أبو حيان: أي فاعلم أني قريب.
اسم الکتاب : تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة المؤلف : ابن عرفة الجزء : 1 صفحة : 224