اسم الکتاب : تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة المؤلف : ابن عرفة الجزء : 1 صفحة : 142
قوله تعالى: {فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذلك مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ ... }
ولم يقل: من فعل.
قال ابن عرفة: في التعبير بالمضارع ترج وإطماع لهم في العفو، (لأن) من فعل ذلك في الماضي وتاب لا يجازى بالخزي، إنما يجازى به من لم يتب.
قوله تعالى: {يُرَدُّونَ إلى أَشَدِّ العذاب ... }
إن قلت: (الرد) يقتضي تقدم الحلول في المردود إليه؟
قلنا: هؤلاء كانوا فيما هو من جنس ذلك العذاب لأن العذاب نالهم في الدنيا. قال الله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ} فإن قلت: كيف هو أشد وعذاب المنافقين أشد وعذاب الدهرية أشد لنفيهم الصانع؟
قلنا: الأشديّة مقولة بالتشكيك، أو المراد أشد العذاب الّذي علم الله حلوله بهم في الدنيا والآخرة، فلا ينافي أن يحل بغيرهم ما هو أشد منه.
فعذاب الدهرية أشد، وعذاب المجوس أشد، وكان بعضهم يقول: إن الدهرية لم يدّعوا نفي وجود الصّانع إنّما قالوا: {وَمَا يُهْلِكُنَآ إلاّ الدهر} فادّعوا أن لهم خالقا أوجدهم فقط، أو (يقال): قوله تعالى: {إِنَّ المنافقين فِي الدرك الأسفل مِنَ النار}
لم يعين أنه أسفل الطبقات نصا فالمراد أنه أسفل من غيره بالإطلاق فيصدق بكونه أسفل من طبقة (ما منها).
قلت: الآية خرجت مخرج الذم للمنافقين و «الدَّرْكِ» معرّف بالألف واللام العهدية، والمعهود (هنا) في الأسفل إنما هو ما بلغ الغاية في الانخفاض لا سيما إن قلنا: (الأصح) الأخذ بأواخر الأشياء.
قيل لابن عرفة: ظاهر الآية أنّ من كفر بالجميع عذابه أخف من عذاب من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعضه مع أن كفر الأول أشد؟
فأجاب: بأن الإيمان بالبعض دليل على حصول (العلم) وكفر العالم أشد من كفر الجاهل.
قلنا: أو يجاب بأن (عذاب) الجميع (متساو) فيصدق على كل فريق أن عذابه أشد، وهم مستوون في الأشدية، أو المراد أشد العذاب المعهود في الدنيا، لأن عذاب الدنيا على أنواع: (منها) الضَّرب والسجن، وأشدها عذابا النّار أي يردون إلى عذاب النار.
قوله تعالى: {اشتروا الحياة ... }
قوله تعالى: {فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العذاب وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ}
قال ابن عرفة: هذا ليس بتكرار:
- فالأول اقتضى أن ذلك العذاب لا يرجى من فاعله شفقة على المفعول ولا تخفيفا عنه.
- والثاني اقتضى أنه لا يقدر أحد على (استخلاص) المفعول من ذلك العذاب ونصرته بوجه.
اسم الکتاب : تفسير ابن عرفة النسخة الكاملة المؤلف : ابن عرفة الجزء : 1 صفحة : 142