responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المؤلف : ابن عطية    الجزء : 1  صفحة : 428
يحيى وبعث الملك أو الملائكة بذلك إليه فنادته، وذكر أنه كان بين دعائه والاستجابة له بالبشارة أربعون سنة، وذكر جمهور المفسرين: أن المنادي المخبر إنما كان جبريل وحده وهذا هو العرف في الوحي إلى الأنبياء، وقال قوم: بل نادت ملائكة كثيرة حسبما تقتضيه ألفاظ الآية، وقد وجدنا الله تعالى بعث ملائكة إلى لوط وإلى إبراهيم عليه السلام وفي غير ما قصة، وفي مصحف عبد الله بن مسعود وقراءته «فناداه جبريل وهو قائم يصلي» ، وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر وأبو عمرو: «فنادته» بالتاء «الملائكة» ، وقرأ حمزة والكسائي «فناداه الملائكة» بالألف وإمالة الدال، قال أبو علي: من قرأ بالتاء فلموضع الجماعة والجماعة ممن يعقل في جمع التكسير تجري مجرى ما لا يعقل، ألا ترى أنك تقول: هي الرجال كما تقول: هي الجذوع وهي الجمال، ومثله: قالَتِ الْأَعْرابُ [الحجرات: 14] .
قال الفقيه الإمام: ففسر أبو علي على أن المنادي ملائكة كثيرة، والقراءة بالتاء على قول من يقول:
المنادي جبريل وحده متجهة على مراعاة لفظ الملائكة، وعبر عن جبريل بالملائكة إذ هو منهم، فذكر اسم الجنس كما قال تعالى: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ [آل عمران: 173] قال أبو علي: ومن قرأ «فناداه الملائكة» ، فهو كقوله تعالى: وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ [يوسف: 30] .
قال القاضي: وهذا على أن المنادي كثير، ومن قال إنه جبريل وحده كالسدي وغيره فأفرد الفعل مراعاة للمعنى، وعبر عن جبريل عليه السلام بالملائكة إذ هو اسم جنسه، وقوله تعالى: فَنادَتْهُ عبارة تستعمل في التبشير وفيما ينبغي أن يسرع به وينهى إلى نفس السامع ليسر به فلم يكن هذا من الملائكة إخبارا على عرف الوحي بل نداء كما نادى الرجل الأنصاري كعب بن مالك من أعلى الجبل، وقوله تعالى:
وَهُوَ قائِمٌ جملة في موضع الحال، ويُصَلِّي صفة لقائم، والْمِحْرابِ في هذا الموضع موقف الإمام من المسجد، وقرأ ابن عامر وحمزة: «إن الله» بكسر الألف، قال أبو علي: وهذا على إضمار القول، كأنه قال فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ فقالت وهذا كقوله تعالى: فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ [القمر: 10] على قراءة من كسر الألف، وقال بعض النحاة: كسرت بعد النداء والدعاء لأن النداء والدعاء أقوال، وقرأ الباقون بفتح الألف من قوله: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ قال أبو علي: المعنى فنادته بأن الله فلما حذف الجار منها وصل الفعل إليها فنصبها، ف «أن» في موضع نصب، وعلى قياس قول الخليل في موضع جر، وفي قراءة عبد الله «في المحراب، يا زكرياء إن الله» ، قال أبو علي: فقوله «يا زكرياء» في موضع نصب بوقوع النداء عليه، ولا يجوز فتح الألف في «إن» على هذه القراءة لأن نادته قد استوفت مفعوليها أحدهما الضمير، والآخر المنادى، فإن فتحت «إن» لم يبق لها شيء متعلق به، قال أبو علي: وكلهم قرأ فِي الْمِحْرابِ بفتح الراء إلا ابن عامر فإنه أمالها، وأطلق ابن مجاهد القول في إمالة ابن عامر الألف من محراب ولم يخص به الجر من غيره، وقال غير ابن مجاهد: إنما نميله في الجر فقط.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: «يبشرك» ، بضم الياء وفتح الباء والتشديد في كل القرآن إلا في «عسق» فإنهما قرآ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ [الشورى: 23] بفتح الياء، وسكون الباء، وضم الشين، وقرأ نافع وعاصم وابن عامر، «يبشّرك» بشد الشين المكسورة في كل القرآن، وقرأ حمزة «يبشر» خفيفا بضم الشين

اسم الکتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المؤلف : ابن عطية    الجزء : 1  صفحة : 428
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست