responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المؤلف : ابن عطية    الجزء : 1  صفحة : 298
ذكر الطبري عن السدي أن السائل ثابت بن الدحداح، وقال قتادة وغيره: إنما سألوا لأن العرب في المدينة وما والاها كانوا قد استنوا بسنة بني إسرائيل في تجنب مؤاكلة الحائض ومساكنتها، فنزلت هذه الآية، وقال مجاهد: «كانوا يتجنبون النساء في الحيض ويأتونهن في أدبارهنّ فنزلت الآية في ذلك» ، والمحيض مصدر كالحيض، ومثله المقيل من قال يقيل. قال الراعي: [الكامل] .
بنيت مرافقهنّ فوق مزلّة ... لا يستطيع بها القراد مقيلا
وقال الطبري: الْمَحِيضِ اسم الحيض، ومنه قول رؤبة في المعيش: [الرجز] .
إليك أشكو شدّة المعيش ... ومرّ أعوام نتفن ريشي
وأَذىً لفظ جامع لأشياء تؤذي لأنه دم وقذر ومنتن ومن سبيل البول، وهذه عبارة المفسرين للفظة، وقوله تعالى: فَاعْتَزِلُوا يريد جماعهن بما فسر من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يشد الرجل إزار الحائض ثم شأنه بأعلاها، وهذا أصح ما ذهب إليه في الأمر، وبه قال ابن عباس وشريح وسعيد بن جبير ومالك وجماعة عظيمة من العلماء، وروي عن مجاهد أنه قال: «الذي يجب اعتزاله من الحائض الفرج وحده» ، وروي ذلك عن عائشة والشعبي وعكرمة، وروي أيضا عن ابن عباس وعبيدة السلماني أنه يجب أن يعتزل الرجل فراش زوجته إذا حاضت، وهذا قول شاذ، وقد وقفت ابن عباس عليه خالته ميمونة رضي الله عنهما، وقالت له: أرغبة عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.
وقوله تعالى: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه: «يطهرن» بسكون الطاء وضم الهاء، وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر والمفضل عنه «يطهّرن» بتشديد الطاء والهاء وفتحهما، وفي مصحف أبيّ وعبد الله حتى يتطهرن، وفي مصحف أنس بن مالك «ولا تقربوا النساء في محيضهن، واعتزلوهن حتى يتطهرن» ، ورجح الطبري قراءة تشديد الطاء وقال: هي بمعنى يغتسلن لإجماع الجميع على أن حراما على الرجل أن يقرب امرأته بعد انقطاع الدم حتى تطهر، قال: وإنما الاختلاف في الطهر ما هو؟ فقال قوم: هو الاغتسال بالماء. وقال قوم:
هو وضوء كوضوء الصلاة. وقال قوم: هو غسل الفرج وذلك يحلها لزوجها وإن لم تغتسل من الحيضة.
ورجح أبو علي الفارسي قراءة تخفيف الطاء إذ هو ثلاثي مضاد لطمثت، وهو ثلاثي.
قال القاضي أبو محمد: وكل واحدة من القراءتين تحتمل أن يراد بها الاغتسال بالماء وأن يراد بها انقطاع الدم وزوال أذاه، وما ذهب إليه الطبري من أن قراءة شد الطاء مضمنها الاغتسال وقراءة التخفيف مضمنها انقطاع الدم: أمر غير لازم، وكذلك ادعاؤه الإجماع، أما إنه لا خلاف في كراهية الوطء قبل

اسم الکتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المؤلف : ابن عطية    الجزء : 1  صفحة : 298
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست