اسم الکتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المؤلف : ابن عطية الجزء : 1 صفحة : 260
للبواب حداد لأنه يمنع، ومنه الجاد وهي المرأة الممتنعة من الزينة، والآيات: العلامات الهادية إلى الحق، ولَعَلَّهُمْ ترّج في حقهم، وظاهر ذلك عموم ومعناه خصوص فيمن يسره الله للهدى بدلالة الآيات التي تتضمن أن الله يضل من يشاء.
قوله عز وجل:
[سورة البقرة (2) : الآيات 188 الى 190]
وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188) يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189) وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)
الخطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، والمعنى لا يأكل بعضكم مال بعض، فأضيفت الأموال إلى ضمير المنهي لما كان كل واحد منهيا عنه، وكما قال تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ [البقرة: 85] ، ويدخل في هذه الآية القمار والخداع والغصوب وجحد الحقائق وغير ذلك، ولا يدخل فيه الغبن في البيع مع معرفة البائع بحقيقة ما يبيع لأن الغبن كأنه وهبه.
وقال قوم: المراد بالآية وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ أي في الملاهي والقيان والشراب والبطالة، فتجيء على هذا إضافة المال إلى ضمير المالكين.
وقوله تعالى: وَتُدْلُوا بِها الآية، يقال أدلى الرجل بالحجة أو بالأمر الذي يرجو النجاح به تشبيها بالذي يرسل الدلو في البئر يرجو بها الماء.
قال قوم: معنى الآية تسارعون في الأموال إلى المخاصمة إذا علمتم أن الحجة تقوم لكم، إما بأن لا تكون على الجاحد بينة، أو يكون مال أمانة كاليتيم ونحوه مما يكون القول فيه قوله، فالباء في بِها باء السبب، وقيل: معنى الآية ترشوا بها على أكل أكثر منها، فالباء إلزاق مجرد، وهذا القول يترجح لأن الحكام مظنة الرشا إلا من عصم وهو الأقل، وأيضا فإن اللفظتين متناسبتان، تُدْلُوا من أرسل الدلو والرشوة من الرشا، كأنها يمد بها لتقضى الحاجة، وتُدْلُوا في موضع جزم عطفا على تَأْكُلُوا، وفي مصحف أبيّ «ولا تدلوا» بتكرار حرف النهي، وهذه القراءة تؤيد جزم تُدْلُوا في قراءة الجماعة، وقيل: تُدْلُوا في موضع نصب على الظرف، وهذا مذهب كوفي أن معنى الظرف هو الناصب، والذي ينصب في مثل هذا عند سيبويه «أن» مضمرة، والفريق: القطعة والجزء، وبِالْإِثْمِ معناه بالظلم والتعدي، وسمي ذلك إثما لما كان الإثم معنى يتعلق بفاعله، وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أي إنكم مبطلون آثمون، وهذه مبالغة في المعصية والجرأة.
اسم الکتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المؤلف : ابن عطية الجزء : 1 صفحة : 260